ديب يوسف ديب يوسف

«أذن الجرة» بين مزاجية أصحاب الأمر.. وحقوق البسطاء

مازلنا حتى عصرنا هذا لم نجد وللأسف مكاناً مناسباً لأذن الجرة، وكل مسؤول في هذا البلد أو صاحب نفوذ وبشكل مزاجي يغير مكان أذن الجرة وفقاً لما يراه مناسباً، حتى كره المواطنون كل جرة لها أذن.

عذراً أخوتي المواطنين.. أرجو ألا يفهم أحد منكم أن هناك صراعا بين المسؤولين والمتنفذين، فأنا لم أقل ذلك، ولا أعنيه لا من قريب ولا من بعيد، وكي أريحكم من عناء التفكير أوضح لكم أن لكل مسؤول جرة، ولكل متنفذ جرة على جميع الأصعدة الوزارية السياسية والتشريعية، ولكل واحد منهم جرته الخاصة التي تمنحه أحقية وضع أذن الجرة كيف وأين  ومتى أراد، وحسب واقع مستوى من أراد أن يشرب من هذه الجرة.

وإنني كمواطن من أبناء هذا الوطن، ولأن حقوقي دخلت أرشيف جرة من هذي الجرار، وبما أنني أحار من أي أذن أمسك هذه الجرة لأن أصحاب التطور والتقدم والحضارة استطاعوا أن يضعوا لهذه الجرة مائة أذن وهمية، من بينها واحدة حقيقية لكنها مخفية، هل تذهب حقوقي أدراج الرياح وأنا واقف أتفرج وعيناي تذرفان دمعاً ودماً على ضعفي وقلة حيلتي.؟

بالأمس القريب صدر حكم براءتي من اتهام توقيفي وكف يدي عن العمل، وفور صدور حكم براءتي، تقدمت بطلب عودة إلى عملي في المصرف التجاري السوري، وبناء عليه طالبت بصرف استحقاقاتي المالية عن فترة كف اليد وفقاً للقانون الأساسي للعاملين في الدولة وبالتحديد المادة /90/ منه، فرفض المصرف صرف هذه الاستحقاقات.

تقدمت بعدها بشكوى للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش التي أصدرت كتابها رقم 7/2934/11/4ب، وبناء عليه قام المصرف بصرف أجوري عن فترة كف اليد، ولكن دون الترفيعات الدورية والاستثنائية، ولما رفض المصرف أخذ هذه الترفيعات بعين الاعتبار تقدمت بدعوى قضائية عمالية مطالباً بها.

والعجيب الغريب أنه جاء مفتش الرقابة المالية بعد عام ونيف إلى المصرف مطالباً باسترداد هذه الأجور التي صرفت بموجب كتاب الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وقال إن قرار الهيئة خاطئ وأنه لا توجد لدي حقوق مالية على المصرف عن فترة كف اليد، وكأنه لا يوجد قانون أساسي للعاملين في الدولة وأن المادة/90/ منه هي فقط للقراءة والتأمل والأمل، وليس للتطبيق والتنفيذ.

فهل يوجد في وطننا قانون خاص لكل مؤسسة تشريعية، أم أن هناك قانوناً واحداً لكل السلطات والمؤسسات ولجميع الموظفين؟؟ وإذا كانت لغتنا العربية قابلة للتأويل كما يقال، وأن كل من يقرأها يفسرها بناء على فهمه ومزاجيته وكما يحلو له، فلماذا لا نستعين بلغة أخرى نكتب بها قوانيننا حتى تكون مرجعاً لنا بدون شطٍ أو مطٍ أو تأويل؟؟

هذا ما دعاني إلى مخاطبة الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش مرة أخرى لبحث الخطأ والصواب، فأصرت الهيئة على قرارها السابق، وأفادتها بكتابها رقم 6/1501/7/4أ50 أن مفتش الرقابة المالية يقرأ القانون قراءة خاطئة وعلى الرغم من ذلك استمر مفتش الرقابة المالية بالمطالبة بالاسترداد حتى تمكن بالتهديد والوعيد من التنسيق مع المصرف، وباشر الاسترداد اعتباراً من تاريخ 1/9/2005، ولم ينتظر صدور الحكم القضائي الذي كانت على وشك إعلانه المحكمة الإدارية العليا للرقابة والتفتيش.

أعدت المديرة العامة للمصرف التجاري السوري بعد تبلغها الحكم القضائي قرارها رقم 683 وأرسلته إلى الرقابة المالية للتأشير، ادعى مفتش الرقابة المالية ومعاونه أن الحكم القضائي غير واضح ويحتاج إلى حكم تفسيري تهرباً من التأشير.

راجعنا الوكيل المؤتمن في الرقابة المالية، فأجاب لسنا بحاجة إلى حكم تفسيري واستدعى المفتش ومعاونه وطلب منهم تأشير القرار رقم 683 الصادر عن مديرية المصرف العامة، إلا أن المفتش قال: نحن لا نؤشر على مواد صرف. فقال له الوكيل استثنِ مادة الصرف من التأشير.

فكتب المفتش ومعاونه في التأشير ذي الرقم 10341 أن هذه التأشيرة لا تشمل المادة الثانية من قرار المصرف رقم 683، وهنا وقعنا وقعتنا السوداء بين حانا..... وشقيقتها مانا.

السيدة مديرة الشؤون الإدارية في المصرف التجاري السوري تقول لا أستطيع صرف استحقاقاتك بسبب تأشيرة الرقابة المالية التي استثنت المادة الثانية من قرارنا 683، وإذا عدنا للرقابة المالية قالوا لنا: نحن لا نؤشر على أية مادة صرف من أي قرار، لأن جداول الصرف لا ترسل إلينا للاطلاع عليها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى عملية الصرف خاصة بين الإدارة وموظفيها، وهذا ما أوجب علي من جديد مقاضاة المصرف أمام المحكمة بداية الجزاء بسبب ممانعة تنفيذ حكم قضائي.

أخذنا كتاب السيد قاضي محكمة بداية الجزاء موجهاً إلى رئاسة الرقابة المالية بدمشق لبيان وشرح سبب استثناء المادة /2/ من قرار المصرف 683، فطار عقل مفتش الرقابة المالية، وقال بعصبية نحن لانقاضى.. لدينا حصانة، ونحن لا نجيب على أي كتاب من أية محكمة قضائية، وبالفعل حتى الآن، وبعد مضي شهرين ونيف لم يرد أي جواب إلى محكمة البداية الجزائية.. وهنا أتساءل كغيري من المواطنين: 

1) هل كل من يحصل على قرار حكم قضائي بعد أربع أو خمس سنوات يحتاج إلى حكم تفسيري، لينتظر أربع أو خمس سنوات أخرى من جديد، أو إلى محكمة جزائية؟ وهل في عمر الإنسان بقية لهذه السنوات.

2) هل من يتمتع بالحصانة يظلم الناس ويطغى على كيفه ويمنع عنهم حقوقهم؟

3) لو لم يكن قرار الحكم واضحا وصريحا، هل تقوم المديرية العامة للمصرف بعد استشارة محامييها ومديريتها القانونية بإصدار قرار تدرج الرواتب رقم 683؟

4) لو لم يكن قرار الحكم واضحا وضوح الشمس في يوم صيف كما قال الوكيل المؤتمن للرقابة المالية، هل كانت الرقابة المالية تؤشر قرار المصرف رقم 683؟

5) لماذا يتمسك مسؤولونا بالكرسي ويرمون بالمسؤولية في سلات مهملاتهم؟

6) هل ملايين الدنيا تعيد الموطن يوماً من أيام شبابه ليعيشه بطوله وعرضه؟

7) هل ملايين الدنيا هذه تعيد لحمة عائلية تفككت بسبب العوز والفقر؟

8) لماذا إذا كان لمؤسسة ما أو مديرية ما حق مالي عند أحد موظفيها تتراكم عليه الفوائد أضعاف أضعاف هذا الحق، ولا يحق للعامل أن يطالب بالمقابل مؤسسته أو مديريته بالفوائد على استحقاقاته معاملة المثل.

9) هل يحق لأي مسؤول أن يتجاوز القوانين وكيفما شاء بموجب كتاب أو قرار أو توجيه يصدره.

10) إذا كان هناك حرمة لهذه القوانين وإذا كانت هناك ثغرة ما في مادة ما من هذا القانون، لماذا لا يحال الاقتراح إلى مجلس الشعب الموقر حيث ما ذكرناه أصبح مرسوماً وقانوناً نافذاً؟ وأين كان هؤلاء أثناء دراسة هذا القانون في مجلس الشعب وأين ملاحظاتهم؟

11) لماذا القانون في وطننا لتصفية الحسابات الشخصية الرخيصة منها والضيقة وليس لإحقاق الحق ولإبطال الباطل؟

أيها السادة المسؤولون: هذه القضية ليست قضيتي وحدي، بل هي قضية الآف من هذا الشعب، فهل نجد حلاً عادلاً لهذه القضايا من حيث أن الله حرم الظلم على نفسه فهل نحلل نحن الظلم بيننا؟