الموازنة الحكومية.. «ورقة عباد الشمس»
ناقشت قاسيون في ثلاثة ملفات متتالية بنودا وعناوين من موازنة 2014 الحكومية، الموازنة التي تقر بالشكل الأسوأ في السنة الأصعب..!! نقاش الموازنة ببنودها يبلغ حدا كبيراً من الأهمية، فالموازنة هي تكثيف للسلوك الحكومي الذي يحدد جهاز الدولة يعمل لمصلحة من؟
هل يستخدم هذا الجهاز الإداري والاقتصادي والتنظيمي بالشكل المطلوب الذي يتوافق مع المصلحة العامة، أم أن استخدامه يتم وفقاً للمصالح الضيقة للأقوياء اقتصادياً..
فالإيرادات الحكومية تعبر عن مدى حجم جهاز الدولة واستقلاليته الاقتصادية وبالتالي دوره التنموي من جهة، ومن جهة أخرى فمصادر الإيرادات الحكومية هي جزء من الثروة الاجتماعية المشكلة خلال عام يصب لدى جهاز الدولة ويعاد إنفاقه وتوزيعه في النفقات الحكومية، بالتالي فإن الموازنة الحكومية تعكس الدور السياسي- الاقتصادي الذي يلعبه أصحاب القرار، لتعكس بوضوح كيفية تقييم القرار الاقتصادي- السياسي في سورية هل يعمل للمصلحة العامة أم بعكسها..هل يأخذ من الأقوياء ليوزع للضعفاء اقتصادياً، أم العملية عكسية..
فمن أين تحصل الحكومة على إيراداتها هو مؤشر هام، مثلاً ممن تسحب الضرائب بنسبتها الكبرى وهل تتوازن هذه النسب مع القوة الاقتصادية للدافعين، يضاف إلى ذلك كيف توزع الحكومة الإيرادات التي تحصلها؟ لتكون قراءة الموازنة هي قراءة لدور الحكومات والسياسات الاقتصادية بإعادة توزيع الثروة.. وبالتالي الموازنة تعكس سلوكاً سياسياً، وتعكس بالجوهر مستوى الديمقراطية الفعلية ومستوى السيادة الوطنية الحقيقية.. والمؤشرات السورية تقول بتراجع سريع في دور الدولة الاقتصادي الإنتاجي، والتخلي عن آخر الضمانات الحكومية وهي الدعم الاجتماعي، تحت ذريعة الحرص على المؤشرات الكلية.. والنتيجة تراجع في هذه المؤشرات كرقم الناتج الإجمالي وحجم العجز، بينما تبقى بعض القطاعات التي لم تستبلها الليبرالية تماماً كالقطاع الحكومي الإنتاجي قادرة على أن تبرهن أن دور الدولة القوي أكثر ضمانة..