المواطنون والمهجرون في مهب الريح!
رغم اقتراب موعد بدء الحل السياسي عبر المؤتمر الدولي المقرر عقده حوالي منتصف هذا الشهر والذي سينتج عنه تغييرات متعددة وأولها تشكيل حكومة جديدة.. والتي يأمل منها السوريون أن تبدأ بتخفيف معاناتهم وأولها العنف مع معاناتهم الاقتصادية الاجتماعية وتحديداً المعاشية، لكن ما يبدو عليه الأمر أنّ الحكومة الحالية تأبى إلاّ أن تترك لها مزيداً من الألغام في طريقها على عكس ما يقول المثل الشعبي: «يا رايح كَثّر ملايح»
حيث قامت الحكومة مؤخراً برفع الدعم عن الغاز وصار سعر أنبوبة الغاز 1000 ليرة بدل 400 ليرة أي زيادة بـ150%، فالمتضرر الرئيسي هم الفقراء أي غالبية الشعب السوري، كما يجري الحديث عن رفع سعر الكهرباء والمازوت وغيرها من المواد المدعومة بحجة إيصال الدعم لمستحقيه، والحقيقة هي إيصال النهب للفاسدين، ناهيك عمّا يمارسه تجار الأزمة من متاجرة بحياة المواطنين ولقمة عيشهم والذي يترافق مع ما تقوم به الحكومة الحالية.
إن اتخاذ هذه القرارات وهذه الممارسات في هذا التوقيت ربما يدفع باتجاهات ستزيد تعقيد الأزمة السورية وعرقلة حلها، كما يوحي بما يخططون له لمرحلة ما بعد المؤتمر الدولي القادم.
تأتي هذه القرارات والممارسات رغم تصريحات رئيس الحكومة التي تدعو المواطنين المهجرين في الخارج للعودة إلى الوطن وأنها تؤمن لهم كل ما يحتاجونه وهذا يتنافى مع الوقائع على الأرض..؟
فقد تلقى المهجرون العاملون في الدولة من أبناء محافظة دير الزور ضربة باتخاذ قرار بإلزامهم للحضور إلى دير الزور شخصياً لقبض رواتبهم وفي هذه الحالة على المواطن والمواطنة أن يتركا أسرتهما لمدة يومين على الأقل للذهاب إلى دير الزور ودفع 1000 ليرة للذهاب وأخرى للعودة، والمشكلة أين يمكنهما المبيت إذا اضطرا للبقاء، ناهيك عن تعرضهما للخطر من قنص وقصف وخطف، ألا تكفيهم كل المعاناة السابقة؟
كما قام العديد من الجمعيات المكلفة بتوزيع الإعانات المادية والسّلات الغذائية بإيقافها عن أبناء محافظة دير الزور تحت حجج واهية، فقد أوقف تقديم المساعدة المالية كجزء من آجار المنزل وهي 6000 ليرة بحجة أنهم لا يقدمونها أكثر من ستة أشهر، علماً أنها في أحسن الأحوال لا تشكل أكثر من نصف آجار أبسط منزل، وأغلب المهجرين مضى عليهم سنة على الأقل، وفقدوا منازلهم إمّا تدميراً أو حرقاً أو سرقةً. كما أنّ إيقاف السّلات الغذائية بحجة حصول بعض المقيمين من أبناء المحافظة في دمشق عليها وهم لا يستحقونه، ولو فرضنا أن ذلك صحيحاً هل يعاقب المهجرون بسببهم، وثانياً ألا يعاني هؤلاء من الغلاء وارتفاع الأسعار وغيرها من آثار الأزمة؟
وثالثة الأثافي قيام بعض المشافي بحرمان المرضى من العلاج المجاني وخاصةً أصحاب الأمراض المزمنة كمرضى القلب والفشل الكلوي وغيرهم وإلزامهم بدفع أجور المعالجة وثمن الدواء، ففي مشفى الكلية بابن النفيس على مريض الفشل الكلوي دفع 800 ليرة أجور غسيل وحوالي 1500 ليرة ثمن أمبولة الإيبوتين، التي تباع سرّاً، وجرى تخفيض عدد مرات الغسيل لهم ولو فرضنا أنها مرتين في الأسبوع أي ثمانية في الشهر أي عليه دفع حوالي 18400 ليرة التي من المفترض أن تكون مجانية، هذا عدا عن الأدوية الأخرى وأجور النقل والمعاملة السيئة التي يعاملون بها من بعض الأطباء المقيمين والكوادر الطبية!؟
وأخيراً لا شكّ أنّ هذه القرارات والممارسات، سواء أكانت من الحكومة أو غيرها من الجهات، تدفع باتجاه الكفر بكل المقدسات وهي ليست عفوية أو أخطاء غير مقصودة، وبات من الضروري وضع حد لكل من يمس مصالح الشعب والوطن ومحاسبته علناً وخاصة من يدفع باتجاه تعميق الأزمة وتعقيدها، واليوم قبل الغد.