(قولوا) ما تشاؤون! ونحن (نفعل) ما نشاء!!
تتناقل وسائل الإعلام في سورية، وفي بعض من أنحاء العالم، أخباراً تدور حول الموازنة وأرقامها، وكيف يمكن ترميمها؟ وكأن رقم هذه الموازنة قد هبط من المجهول، أو كأن من وضعه لا حول له فيه ولا طول؟ ما استدعى سجالاً ونقاشاً حول ذلك؟ ومن أين تأتي إضافة رقم لتبدو الموازنة غير خاسرة، الخ.
وقد شحذ الفريق الاقتصادي في الحكومة العتيدة أقلامه، وانبرى ليعلن أنه يجب رفع الدعم من الحكومة عن المواد الضرورية المتعلقة بقوت الشعب، وخاصة الفقراء، ومن هم تحت خطوط الفقر. إلا أن اختصاصيين وعلماء في الاقتصاد وخبراء، تصدوا للفريق الاقتصادي، واقترحوا موارد أرباح، وآراء تدحض نظريته، وأنه يمكن تأمين ذلك من موارد أخرى، مثل: فرض الضرائب أو تحصيلها من أصحاب الدخول العالية، المليونيرية والمليارديرية، وما أكثرهم، أو مكافحة التهرب والفساد، ووقف الهدر من استعمال سيارات الدولة، الخ. وبينوا أن الأرقام التي تتوفر من جراء ذلك تكفي وتزيد، وأن رفع الدعم يشكل في المجتمع السوري كارثة اجتماعية ومعيشية، وخاصة ما يتعلق بالمازوت والغاز، وما يتبعه من غلاء مئات الأصناف، ما دفع بالحكومة إلى تأجيل ذلك، والاكتفاء برفع سعر البنزين فقط، واعتباره أول الغيث. ومؤخراً عقدت اجتماعات مثلت كل أوساط الشعب السوري، القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، وفيها أمناء أحزاب القطر، وقيادات فروع الجبهة أيضاً، وقد اتُّخذت قرارات في هذه الاجتماعات، ضد توجهات الفريق الاقتصادي، وأصر المجتمعون، الذين يمثلون كل قطاعات الشعب السوري، والرأي العام بأسره، على ضرورة إبقاء الدعم للمواد المتعلقة بقوت الشعب، وعدم المس بها.
لكن الغريب في الأمر أن الفريق الاقتصادي تجاهل ذلك، ولم يعبأ برأي مجموع الشعب السوري، بل أصر على توجهاته، وأكد أنه سيرفع الدعم قريباًَ؟ على طريقة: قولوا ما تشاؤون، ونحن نفعل ما نشاء.
فمن هو هذا «الفريق الاقتصادي»؟ ومن أين يستمد سلطاته؟ هكذا تتساءل أوساط شعبنا السوري؟ وقد تبين لها أن هذا الفريق يعتمد ويعمل بأوامر البنك وصندوق النقد الدوليين، اللذين يعملان لصالح الرأسمال العولمي الأمريكي، ويخططان لربط اقتصاد الدول، وخاصة النامية، بالاقتصاد الرأسمالي الوحشي، وبالسوق الرأسمالية العالمية التي يسيطر عليها الرأسمال الأمريكي، فهل قرر (الفريق الاقتصادي) ربط اقتصادنا بالبنك وصندوق النقد؟ وبالسوق الرأسمالية؟ وهل في جعبته العمل على أخذ سورية من الداخل بعد أن عجزت التهديدات الأمريكية والاعتداءات الإسرائيلية المتتالية عن أخذها من الخارج؟
هذه أسئلة بدأت تُطرح، وتتناقلها الأوساط الشعبية بكل اتجاهاتها، فهل وراء الأكمة ما وراءها؟! وإلى أين يريد هذا الفريق الاقتصادي أخذَ شعبنا؟ أإلى مهاوي الخراب والفقر؟! لم نمت بعد، ولكن شفنا مين مات؟. إن كل الدول التي سارت بطريق البنك وصندوق النقد الدوليين، حل بها الخراب وكثر فيها الفقراء، وازدادت فيها ثروة الأغنياء.
إن شعبنا السوري الأبي، يرفض أن يؤخذ من الداخل، وهو مثابر على دعم سياسة الصمود ومقاومة التهديدات، والإملاءات الأمريكية والإدارة البوشية الحمقاء، وهو يتابع ويشدد مقاومته للمشاريع الأمريكية الصهيونية، ولسياسة مشروع «الشرق الأوسط الكبير»، ويشدد على المقاومة الاقتصادية لترتفع إلى مستوى المقاومة السياسية، ويتمسك بإصلاحاته الداخلية، التي لها طابعها الخاص، ويؤكد على الدعم، وخاصة للمواد المتعلقة بقوت الشعب، وسيقاوم أية هجمات جديدة عليه، وسيعرف كيف سيرد على من يريد تجويعه وإفقاره، وهو يمهل ولا يهمل، وسيرى الفريق الاقتصادي أنه لا يمكن قهر إرادة الشعب ولا يمكن تمرير مقولة «الديمقراطية الزائفة»، التي يطبقها الفريق الاقتصادي، على شاكلة: «قولوا في اجتماعات الجبهة والأحزاب ما تشاؤون، ونحن نفعل ما نشاء».