شركة الكرنك الإنبعاث من جديد

كانت شركة الكرنك من الشركات الرائدة على مستوى القطر، بدأت عملها بـ/2/ بولمان، وانتهت بأسطول مكون من /161/ بولماناً، وكانت رحلات بولماناتها تغطي جميع مناطق سورية، والدول العربية المجاورة وتركيا. فأصبحت، بفضل المدير العام، أسوأ شركة بسبب سوء إدارته. أكّد ذلك رئيس مجلس الوزراء السابق د.مصطفى ميرو، ورئيس المجلس الحالي د.ناجي العطري، في الصحف الرسمية والاقتصادية المحلية.

الفريق الحكومي في عهد د.ميرو، شهد تراجعاً لشركة الكرنك بشكل مخيف نحو الهاوية، ومن أجل إنقاذها، كان يجب أن يتصرف بحكمة كبيرة، وهي إقالة مدير الشركة، وبعض الكوادر الإدارية فيها، وفي مكاتب المحافظات، إذ كانت الإدارة لا تهمها المصلحة العامة، بل كان همّ المدير العام: 4 سيارات تابعة للشركة تحت تصرف زوجته، أولاده، عمه، وسيارة له، وعلى حساب رواتب العاملين، وهناك أمور كثيرة غير ذلك، مثل هدر المازوت، الذي تم حسابه عامَي 2004- 2005، فكان 890 ألف ليرة سورية، لمدة شهر واحد، مصروف آليات (البولمانات) فقط.

وقد أعفى المدير العام السائقين المقربين منه، من غرامات الهدر، وبعدها طُوي الموضوع في الأدراج، وأصبح برنامج تسيير الرحلات بين المحافظات سيئاً جداً، واستنفد مركزُ صحنايا طاقة الشركة، بسرقتها والعبث بمقدراتها.

ـ أكد الزملاء في اللجنة النقابية، قبل وصول الشركة إلى حافة الانهيار، منذ عام 2000 وحتى 2006، من خلال المؤتمرات النقابية، على سوء الإدارة، والانهيار الذي ستتعرض له الشركة، إذا لم يتدخل المسؤولون لإعادة الوضع إلى طبيعته، وظل اتحاد العمال صامتاً، وكذلك مجلس الوزراء، على الشكاوى المقدمة إليهما من بعض العمال.

يتصرف المدير العام، ومدراء مكاتب المحافظات، وخاصة حمص، بالشركة كما لو أنها ملكٌ خاص. وليس هناك رقيب أو حسيب.

 بتاريخ 7/11/2004 فوجئنا بصدور القرار رقم 80 من مجلس السياحة الأعلى، برئاسة د.ناجي عطري، وهو قرار حل الشركة وتصفيتها، وكُلف وزير السياحة بوضع الآلية للحل. ومنذ صدور هذا القرار في فرع حمص،يعمل العمال دون رواتب، فكل خمسة أشهر يتم صرف راتب نصف شهر فقط، من أصل خمسة رواتب.

وبتاريخ 2/1/2006 فوجئنا في محطة حمص بثلة من الشرطة، وبأمر من محافظ حمص، بدخول مبنى المحطة وطردنا منه بالقوة، وإغلاقها بالشمع الأحمر مع محتوياتها. توجهنا إلى التلفزيون والصحافة واحتشدنا في دمشق عند باب وزارة السياحة، وسُمح لأعضاء اللجنة النقابية بمقابلة الوزير، الذي وعدهم بإنهاء الوضع سريعاً، والعودة إلى المحطة، وتكلم مع محافظ حمص لاحتواء الموضوع، ريثما تصدر قرارات نقلنا إلى دوائر الدولة، وعند عودتنا إلى حمص رفض المحافظ إعادتنا إلى المحطة، فاحتشدنا أمام مبنى مجلس الوزراء بدمشق ثانية، من أجل صرف رواتبنا المتراكمة، وإعادتنا إلى المحطة. فعدنا ولكن لمدة /3/ أشهر فقط.

المفروض من السيد المحافظ أن يتركنا في المحطة، ريثما يتم نقل العمال إلى دوائر الدولة، لا أن يطردنا أذلاء، فنحن بشرٌ ولنا مشاعر وكرامات وحقوق يجب احترامها. وقلنا ذلك، فأصر على طردنا، وكان ذلك بتاريخ 18/6/2006.

ـ بقينا في بيوتنا حتى تاريخ 1/10/2006، حيث تم فرزنا بشكل مؤقت من وزير السياحة ومحافظ حمص، ريثما يتم إصدار صكوك قانونية من رئاسة مجلس الوزراء، بنقلنا ثانية إلى دوائر الدولة.

بتاريخ 14/12/2006 صدر القانون رقم 53 الذي حدد آلية نقل العاملين إلى دوائر الدولة، بناءً على قرار الحل رقم 80 الآنف الذكر، واعتبار الشواغر لهؤلاء العمال محدثة حكماً، وتسوى أمور العمال بمساواتهم مع أمثالهم في الدولة، حسب القانون رقم 50 لعام 2004، وفي حال عدم الرغبة من قبل العمال، تصفى حقوقهم خلال شهر وفق القانون والأنظمة، وترد كافة الدعاوى الناجمة عن تطبيق أحكام هذا القانون.

ـ قامت لجنة مكلفة من وزير السياحة، بتخفيض أجور العاملين، وهذا تصرف غير قانوني، وإنما تابع لأهواء هذه اللجنة، فجدول الأجور الصادر من قبلهم غُيّر أربع مرات، وفي كل مرة كان مناقضاً للسابق، حتى استقروا أخيراً على صيغة واحدة.

الراتب: هو ثمن عمالة العامل، ولا يمكن تخفيضه كيفياً، أو حجبه أو إلغاؤه، وحسب اجتهادات مجلس القضاء الأعلى (النقض) وحسب القوانين الإدارية: لا يمكن أن يمس بتاتاً حسب نص قانوني يحدد «مدة الحصانة المانعة للسحب أو الإلغاء»، فكيف تجاوزت اللجنة القوانين الإدارية، وفعلت فعلها؟! هذا إجحاف بحق الطبقة العاملة، وغبن تتعرض له.

ثم فوجئنا، بتاريخ 3/6/2007 بالقرار الصادر عن رئاسة مجلس السياحة الأعلى، رقم 177 تاريخ 27/12/2006، الذي يحتوي على عدة فقرات، الأولى: طي قرار حلّ الشركة رقم 80، الثانية: الإبقاء على شركة الكرنك كشركة سياحية...الخ.

وقد تم إخفاء هذا القرار عنا، مما اضطر بعض العمال للاستقالة مكرهين، خوفاً من التخفيض المريع للرواتب، وبعضهم رضخ للنقل إلى مناطق وعمل غير مناسب، وتعرضوا للذل والمهانة، والعبث بأمن بيوتهم، اجتماعياً ومادياً.

هناك أيدٍ خفية تلعب بمصير هذه الشركة: صدور قرار حلّ وطرد للعمال، هدر آلات وآليات الشركة، وفي المنطقة الصناعية في صحنايا، يتعرض العمال للمعاناة والعذاب وعدم صرف الرواتب، وعدم محاسبة الإدارة وإدارات الفروع عن سوء إدارتهم، وتوصيل الشركة إلى هذا الحد من الدمار، وأخيراً عودة الشركة إلى العمل، والرجوع عن قرار الحل، وللعلم، بدأ عمل الشركة بتاريخ 1/8/2007 بإبقاء 27 موظفاً في الشركة من الإدارة السابقة، المسؤولة عن انهيار الشركة.

- تقدم كثير من العمال بدعاوى قضائية، منهم الذين استقالوا حيث تم الاحتيال عليهم، بإخفاء قرار عودة الشركة، وبعضهم خوفاً من تخفيض رواتبهم.

ـ السؤال الذي يطرح: لماذا يبقى من دمر الشركة مديراً لها؟! ونحن نعلم أن الشركة تسقط في الهاوية بسببه! لماذا لا تتم حماية مكاسب الدولة وممتلكاتها، بإحالته إلى القضاء، ومن ثم إلى منزله، هو وإدارته وإدارات الفروع التي وضعها هو بأوامر إدارية منه؟.

اللعبة قامت على أساس القرارين 80 و 177، فالأول أدى إلى استقالة بعض العمال، وهدر الشركة وبيع جزء من ممتلكاتها، والثاني أعاد للشركة كيانها واعتبارها واستئناف العمل فيها.

وبما أن القرار رقم 177 قد أعاد الشركة للعمل، فعودة العمال المستقيلين باتت واجبة، كون الأمور عادت بالنهاية إلى نصابها.

آخر تعديل على السبت, 26 تشرين2/نوفمبر 2016 22:06