حي المعصرانية في حلب... تحالف الفساد والتعسف
في عام /2004/ قامت رئاسة مجلس مدينة حلب بالتعاون مع المؤسسة العامة للإسكان فرع حلب بإجراء مسح اجتماعي لشاغلي حي المعصرانية المخالف بهدف تعويضهم بالسكن الشبابي. ورغم شغل بعض العائلات لدورها السكنية لم ترد أسماؤهم بتلك الجداول، وقد راجع السكان المتضررون جميع الجهات المختصة وصاحبة العلاقة، إلا أنه لم يجر إنصافهم حتى هذه اللحظة. ولعل القارئ العابر لهذه المادة لا يعي ما معنى أنه لم يجر إنصافهم، إنها تعني بكل بساطة تهجيرا وتشريدا لهذه العوائل التي بكل تأكيد لا تملك سوى هذا المنزل الذي هو حصيلة شقاء عمرها.
إذا اعتبرنا بحسن نية أن هذا المسح الجائر الذي شرد عددا لا بأس به من العوائل هو من الأخطاء الإدارية، لا يلبث حسن نيتنا أن يزول سريعاً عندما نكتشف أن هنالك من موظفي مديرية الإسكان قد داعبته أحلام الثراء على حساب هؤلاء السكان. وكما هي العادة في هذا الاتساع الخرافي لرقعة الفساد في سورية فقد أصبح أي عمل تقوم به أية جهة رسمية هو مصدر ثراء على حساب نهب الدولة والشعب معاً.
ولكي لا يبقى كلامنا عاماً فقد قمنا بجولة على أهالي حي المعصرانية المتضررين. فماذا وجدنا؟؟
المواطن بكري كوكة بن أحمد حرم من استلام سكن بديل بحجة تشابه اسمه مع قريبه المواطن بكري كوكة بن إبراهيم الذي استلم سكنا بديلاً ، مع العلم أن مدير خدمات قاضي عسكر المهندس ماهر شرف الدين وقع على محضر استلام المسكن العائد لبكري كوكة ابن إبراهيم والمسكن خالي من الشواغل والشاغلين وفي حالة هدم تام بينما منزل بكري كوكة ابن أحمد لم يهدم حتى لحظة إعداد هذه المادة.
وحرم المواطن نوار الخلف من سكن بديل لخطأ ارتكبه الموظف القائم على تسجيل أسماء المواطنين المنذرين وذلك بتغيير اسمه إلى فواز.
أما المواطنان صالح و زكريا الأيوبي فقد اعتبرت لجنة المسح منزلهما منشأة صناعية مع العلم أنهما يسكنان منزلهما من سنوات طويلة وشهد بذلك كل من التقيناهم من أهل الحي.
والذي فقأ أعيننا أكثر هو ما جرى مع المواطنين محمد هنداوي ومحمد كلزية وعائلتيهما إذ أنهما حاولا بطرق مختلفة رفع الظلم والجور الذي يقع على سكان الحي فكانت النتيجة تعرضهم للشتم والضرب والاعتقال من حملة المؤازرة التي خرجت لهدم الدور، إلا أن الصفاقة الكاملة هي ما قامت به الجهة المشرفة على المسح التي اعتبرت منزليهما من الأبنية التي بنيت حديثاً وبالتالي لا يستحقان سكنا بديلاً نكاية بهما. وكأن من يوزع السكن البديل يوزعها كصدقة من جيبه الخاص يمنحها لمن يشاء ويحجبها عمن يشاء.
الأمر نفسه ينطبق على عائلة محمد حديدي.
أما الذي جرى مع المواطن محمد زهير قصاب، فليس أقل صفاقة مما جرى مع سابقيه، إذ تم هدم منزله الذي تسكنه ثلاث أسر والمكون من طابقين 250متراً في كل طابق خمس غرف. وقبل الهدم قام أحد موظفي المسح بتوصيف المنزل لكي يتم تأميل البديل المناسب والذي لن يكون بحال أقل من سكنين بديلين، فما كان من مسؤول قطاع قاضي عسكر التابع لمجلس مدينة حلب إلا أن قام بتمزيق محضر التوصيف جهاراً نهاراً أمام عيني صاحب المنزل وأمام عدد لا بأس به من الشهود!!! فلنتصور إلى أي حد وصل الاستهتار بالمواطنين وحقوقهم، دون حسيب أو رقيب.
عائلة أخرى، هي عائلة الهنداوي وتتكون من ست أسر، بيتها مهدد بالهدم القسري في أية لحظة، ومع ذلك لم تمنح حتى هذه اللحظة سكناً بديلاً ولا إشعاراً بتخصيص هذه العوائل بأي سكن بديل.
المواطنة نوال العبد الله وهي سيدة مقعدة، تم هدم منزلها مع العلم بوجود إقرار محكمة بمنزلها وهي شاغلة لهذا المنزل، ولم تحصل على سكن بديل حتى هذه اللحظة.
المواطن محمد علي جواد يتألف منزله من طابقين مساحته حوالي 240 متراً ويسكن فيه ثلاث أسر رفض السكن البديل المكون من 60 متراً فقط .
منزلان في الحي واحد للأب واسمه زكريا حداد وآخر للابن واسمه محمد زكريا حداد، يمنح السكن البديل للابن ويحجب عن الأب، لتكون نتيجة الأب وأولاده وزوجاتهم وأحفاده التشرد.
هذا غيض من فيض، ولو بحثنا أكثر لوجدنا ما هو أعجب.
المفارقة... أن أهالي الحي حاولوا لمرات ومرات رفع تظلمات ضد المديرية العامة للإسكان فما كان من الجهات الوصائية في حلب سوى إحالتهم إلى المديرية نفسها!!!! ( فيك الخصام وأنت الخصم والحكم).
مفارقة أخرى ... مواطنو الحي أكدوا أن كثيراً ما كان يجري مسح المساكن والشاغلين من قبل عامل البوفيه في المديرية.
وقد يتساءل سائل هل ما جرى ويجري في حي المعصرانية والذي أوردنا جزءاً منه هو نتيجة للإهمال وللتعسف وعدم الاهتمام بشؤون المواطنين.
القارئ حسن النية يمكن أن يظن ذلك.
لكن مؤشراتنا لا تجعلنا حسني النية على الإطلاق، وللأسباب التالية:
1 - يتحدث الكثير عن مواطنين ليسوا من سكان الحي قد تخصصوا بمنازل بديلة وهم من غير المستحقين وعددهم لا بأس به رغم أننا لم نحصه حتى الآن، وقد تم ذلك على حساب من حرم من التخصص ممن يستحقه.
2 - إذا علمنا أن قيمة التخصص الآن وبدون أن يدفع المستفيد أي قسط من أقساط المنزل المخصص له يتراوح بين 600 ألف ليرة سورية و900 ألف ليرة سورية. لعلمنا أن بيع عدد من هذه الشقق لغير مستحقيها يمكن أن يشكل ثروة يسيل لها لعاب الفاسدين.
بناء على ما تقدم فإننا نضم صوتنا إلى صوت أهالي المعصرانية ونطالب الجهات المختصة بتشكيل لجنة حيادية ونزيهة ومن خارج محافظة حلب للتحقيق في كل المخالفات القانونية التي تمت في هذا الحي وعلى حساب الفقراء والكادحين من شعبنا، بل إن حجم الضرر الذي لحق بأهالي المعصرانية وعدد المتضررين الذي يبلغ المئات يتطلب لجنة من مجلس الشعب للتحقيق في ذلك.
فأهلنا في المعصرانية ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية في هذا الوطن، ولهم من الحقوق ما لغيرهم.
فهل من مجيب؟؟؟؟
■ محمد أنس شوكان
مراسل قاسيون في حلب