أصبحت الجامعة حلماً!!
كلنا يحب العلم ويطلبه ليصبح فرداً نافعاً ومنتجاً يفيد مجتمعه ويسير معه نحو الأفضل، ولكن العلم في بلدنا الحبيب سورية، أصبح حلماً صعب المنال، وذلك بعد المعدلات الفضائيّة، فأصبحنا غالباً، إن لم يكن دائماً و أبداً، يُخيّلُ إلينا بأن وزارة التعليم العالي (الكريمة) لا تريدنا أن نتعلّم، أو هي تريد فقط من تراه من النخبة المختارة،
فلم تكتفِ وزارتنا العزيزة بما حدث في امتحان مادة الرياضيات، من حالات إغماء و انسحاب، بل بشّرتنا بهذه المعدلاّت الخياليّة للقبول في الجامعة، لتزيد الطين بلّة. فجاء معدّل الطب، مثلاً، 237 علامة، أي (240 - 3). و هذا إذا حالف الحظ بعض الطلاّب (ونفدوا بريشهم)، فإن المفاضلة الثانية قد قضت على الريش واقتلعته من جذوره. فبأي حق يا وزارتنا الغالية العالية تسمحين بضياع أولادكِ (طلاّبكِ)؟. وإذا أخذنا مثلاً كلية الهندسة المعماريّة، فقد كان معدّل القبول في المفاضلة الأولى 195 علامة، وفاضل عليها الكثيرون، وبنوا أحلاماً ذهبية على هذا الفرع، وطبعاً بعد إجراء الدورات التدريبية والمسابقتين المؤهّلتين للالتحاق بالكليّة، ولكن الأحلام تبقى أضغاث أحلام، فتهاوت على رؤوس من بنوها بعد تلقّي الرد، حيث صعق الطلاّب بهذا الرقم المرعب، 223 علامة، أي وصل الفارق بين المفاضلتين 28 علامة، فأي طالب يمكن أن ينجّم و يتوقّع هذا الفارق الشاسع؟ للأسف ضاع الطلاّب وضاعت أحلامهم وذهبت سنة كاملة من عمرهم سدىً وهباء الرياح. فهل يا ترى يستطيع هذا الطالب أن يستعيد ثقته بنفسه وبقدرته على الإبداع بهذه السهولة، ليتمكّن من إعادة ما فاته من علامات تؤهلّه لاستعادة حلمه الضائع؟! أم أنّ هناك توجيهاً معمّماً من تعليمنا العالي إلى دفع الطلاب نحو التعليم الموازي؟!
ألا تعلم وزارتنا العتيدة مدى ما يعانيه المواطن السوري من ضغوطات اقتصادية واجتماعية ويحمل على كاهله ما ينأى الجمل عن حمله؟! ألا تعلم أن رب الأسرة السوري يسعى لتعليم أولاده الأربعة أو الخمسة؟! فكيف سيستطيع تحمّل عبء تأمين تكاليف هذا العلم الذي تريده وزارتنا موازياً؟! فوالله لم يعد يتحمّل أكثر، فرفقاً به وبأبنائه. أم أنّ العلم أصبح مقصوراً على أبناء الأغنياء فقط؟!
هنيئاً لك أيها الفقير بالإجازات و الشهادات العالية التي ستنالها. نحن لا نطلب دعماً ماديّاً من الوزارة و إنّما نريد ضبط هذا النظام المتوحّش بشكل يكبح جماح المعدّلات والقبول الجامعي، الذي يدمّر مستقبل الشباب السوري، مع إطلالة أول فجر له.
■ هبة منجه