معرض الحرف اليدوية والتراثية في طرطوس

مع تطور التكنولوجيا عالمياً، تطورت الوسائل التي يستخدمها الإنسان في عملية تجسيده للفكرة على أرض الواقع، وسواءً أكانت تلك الوسائل تعتمد على الآلات الحديثة، أو بقيت كما هي عبر التاريخ، تستخدم الطرق التقليدية القديمة، لا نستطيع إلا أن نقول إن كل جهد بشري لتحويل الفكرة إلى واقع ملموس هي حالة إبداعية، وهذا ما لمسناه في سوق المهن اليدوية الذي افتتح في طرطوس، في قاعة المدينة القديمة، التي يمكن أن نسميها لروعتها العمرانية، ودلالاتها الثقافية والحضارية «القاعة التراثية»

مضمون المعرض

 منذ دخولك من بوابة القاعة، تظهر أمامك مجسمات خشبية لسفن بحرية، مشغولة بإتقان وفن عال، ولوحات فنية وأعمال يدوية ومفروشات من الجلد الطبيعي. وما يزيد المنظر جمالا هو قيام هؤلاء الفنانين الحرفيين بالعمل أمامك وأنت تزور المعرض، وتتضمن أعمالهم أشغال الخيزران و الفضيات والأقمشة، وخاصةً العباءات النسائية، ويوجد قسم خاص لأعمال خشبية فنية تراثية من شجر الزيتون حصراً. ويشارك في المعرض فنانان متميزان من لبنان ومصر يقومان بصناعة مجسمات جميلة جداً، يضعونها داخل قناني زجاجية عادية، ويقومان بعملهما أمام الزوار أيضا. ويحتوي المعرض على أعمال حفر على الخشب، ولوحات زيتية، و عطور مركبة، وأدوية أعشاب.

أحلام وشجون   

 أثناء زيارتي للمعرض تقصَّدت أن أتكلم مع كل المشاركين، كلٌ عن حرفته: كيف أتقنها، والمشاكل التي يعاني منها، ومقترحاته لحل هذه المشاكل في المعرض القادم. وكانت المقترحات كما يلي:

1 - باعتبار أن مدينة طرطوس القديمة، تحتوي على أماكن عمرانية تراثية لم تستثمر بعد، فبالإمكان تخصيص مكان خاص ودائم لسوق الحرف اليدوية التراثية. يخصص فقط لمن يعملون بتلك الحرف، من المنتسبين إلى الجمعية الحرفية.

2 - حتى لا يتحول المعرض إلى سوق تجاري، بسبب الدخلاء المدعومين الذين لا يتقنون أي عمل فني، باستثناء فن التجارة. يمكن أن يمارس كل حرفي على طاولة العرض عمله الحرفي، وبهذا يحقق نتيجتين :

الأولى: جذب الناس لاستجابة تلك الأصابع الذهبية، التي تشكل من الأشياء الجامدة عملاً فنياً جميلاً، وبإتقان مدهش.

الثانية: عندما يشتري الزائر ذلك العمل سيعرف قيمته، وسيدرك بأنه لا يشتري سلعة بل عملاً فنياً إبداعياً .

3 - التقصير الشديد في الدعاية الإعلانية من الجهات المختصة، فقد قال لي الحرفيون الذين التقيتهم، بأن المجموعات السياحية التي تزور المعرض أحياناً، يشتري أفرادها معظم موجوداته، ويدفعون السعر الذي يريده الحرفي. وهذا يتطلب دعاية في الأماكن والمكاتب السياحية، ومواقف البولمانات، والتلفزيون والصحف وغيرها من وسائل الإعلام، لجذب السياح إلى هذا المعرض المهم.  

حضور نسائي مهم

أكثر ما لفت نظري هو طغيان العنصر النسائي في السوق، الذي تجسد بوجود عدد مهم من الحرفيات المبدعات، منهن فتيات في مقتبل العمر، ومنهن ربات منازل، ومنهن من بلغن السبعين من العمر، ومازلن يعملن ويحملن معروضاتهن من محافظة إلى أخرى .

إن عقد هذه المعارض، ودعم المشاركين فيها، ضرورة للحفاظ على تراثنا الفني، ولتشجيع المواهب الفنية والحرفية المميزة التي تعجُّ بها بلادنا.

■ محمد سلوم

آخر تعديل على الإثنين, 05 كانون1/ديسمبر 2016 23:57