لماذا عدوني فاسداً؟

تستمر «قاسيون» في متابعة قضايا العاملين الشرفاء المصروفين من الخدمة في محافظة حمص، بسبب وقوفهم في وجه مصالح بعض المتنفذين الفاسدين أصحاب الحظوة والمقربين من الحكومة وأعضاء لجنة الصرف من الخدمة.. ولقاؤنا اليوم مع العامل محمود مصطفى الذي أفادنا قائلاً:

«تم تعييني في مجلس مدينة حمص عام 1996 بصفة مراقب رخص في مديرية الشؤون الصحية، ومارست عملي بكل شرف وإخلاص وسيرتي الذاتية خير شاهد على ذلك.

في أوائل عام 2005 علمت من زملائي في المديرية بأن مدير الشؤون الصحية محمد علي غالي تقاضى مبلغ عشرة آلاف ل.س من أصحاب أحد المعامل الموجودة في المنطقة الصناعية (بحجة الزكاة)، وفي هذه الفترة اجتمع محافظ حمص مع المدراء يطلب منهم أسماء العناصر الفاسدة استناداً للتعميم السري الصادر عن رئيس الحكومة بمكافحة الفساد، وقد لبى مدير الشؤون الصحية النداء على وجه السرعة مستغلاً الظروف المؤاتية للتخلص من العناصر التي تقف في وجه مصالحه، فتقدم بمذكرة للسيد المحافظ مفادها أنني وأربعة عاملين آخرين من زملائي، من العناصر الفاسدة، التي تقوم بالضغط على أصحاب المحلات، وتفرض أتاوات، مما يشكل إساءة لاستعمال الوظيفة، وبناء على هذه المذكرة، أمر السيد المحافظ بإصدار قرار بفرزنا إلى مديرية الخدمات الفنية، ومنها إلى بلديات تبعد عن محافظة حمص من 30 إلى 70 كم، وذلك تحت يافطة المصلحة العامة، علماً بأن هذا القرار غير قانوني ومخالف لقانون العاملين الأساسي، وهذا ما ثبت للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فيما بعد. وبعد أن قمت بتنفيذ هذا القرار المخالف للقانون، تقدمت مع زملائي بأكثر من طلب لمقابلة المحافظ وتوضيح ملابسات الموضوع، إلا أن الرفض كان دائماً بالمرصاد، فلقد سمع من طرف واحد فقط، ولم يسمح لنا بالدفاع عن أنفسنا رغم أن الوثائق التي بين أيدينا تبين أن مدير الشؤون الصحية هو الفاسد، وهذه الإثباتات كفيلة بإحالته للقضاء.

وبعد فرزنا إلى البلديات، قام النائب زهير طراف والنائب السابق زهير غنوم، بتقديم شكوى إلى وزير الإدارة المحلية والبيئة، أحيلت للرقابة الداخلية في محافظة حمص، حيث تم التحقيق معنا ومع مدير الشؤون الصحية، وانتهى التحقيق باقتراح فرض عقوبة الحسم من الأجر 2 % بحق د.محمد علي غالي (ولكن المحافظ أمر بتخفيضها إلى إنذار ومن ثم إلغائها، رغم أن هذا التقرير اعتمد من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، فرع حمص) وتم الطلب من المحافظ بإلغاء قرار فرزنا لأنه يخالف قانون العاملين، وعلى الرغم من أن هذا التقرير قد أثبت براءتي وزملائي من التهم التي قام بتلفيقها مدير الشؤون الصحية، إلا أن معد التقرير محمد النقري قام بمحاباة مدير الشؤون الصحية في موضوع تلقيه رشوة بقيمة عشرة آلاف ل.س، وتم تحويل الموضوع إلى زكاة، دون أن ينتبه معد التقرير بأن القوانين النافذة تمنع الموظفين من تقاضي أموال بحجة الزكاة، ولاأدري كيف تجاهلت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش هذا الموضوع، وتسترت عليه بالرغم من ثبوته بالتقرير؟!!

والحقيقة أن السبب في ذلك هو حظوة مدير الشؤون الصحية لدى محافظ حمص، وقد أكدت ذلك رئيسة مجلس المدينة ناديا كسيبي بعد استلامها لمنصبها، حيث أوضحت عجزها الكامل عن التدخل بالموضوع رغم علمها بالظلم الذي حل بنا. لقد اتضح لنا عجز الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بحمص ووزارة الإدارة المحلية والاتحاد العام لنقابات العمال ورئاسة مجلس الوزراء عن تطبيق القانون وإرغام محافظ حمص على إعادتنا إلى أماكن عملنا الأساسية، فجميع الكتب الرسمية الصادرة عن هذه الجهات، وجهت المحافظ بإعادتنا إلى عملنا، ولكن تم رفضها بشكل يشبه التمرد على السلطات الشرعية.

وبعد مرور حوالي سنتين من الظلم بفرزنا الأول إلى أماكن بعيدة، قام المحافظ بإصدار قرار بفرزنا إلى أماكن أبعد من الأولى وبمسافة تبعد 100 - 200 كم عن حمص، وبعد ذلك قام (بعد أن حن قلبه علينا) بإعادتي أنا وزملائي إلى مجلس المدينة ولكن إلى مديرية النظافة، وليس إلى عملنا الأساسي في مديرية الشؤون الصحية.

لقد تنفسنا الصعداء بعد إعادتنا لمديرية النظافة أنا وزملائي الأربعة ولكن فرحتنا لم تكتمل حيث صدر قرار السيد رئيس الوزراء رقم 1380 تاريخ 31/3/2008 بصرفنا من الخدمة بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية (الذي أرسل عدة كتب رسمية إلى محافظ حمص لإعادتنا إلى عملنا) و على اقتراح المحافظ.

ومما يجدر ذكره أن وزير الإدارة المحلية نسي الوعود التي أعطانا في مكتبه بحضور زهير طراف عضو مجلس الشعب حيث قال لي ولزملائي: إنكم مظلومون ولن يمسكم شيء، ولكن يبدو أن وعود الوزارة أصبح ينطبق عليها مثل (عالوعد ياكمون.

وأتمنى أنا وزملائي تشكيل لجنة من مجلس الشعب لتقوم بالتدقيق والتمحيص الجدي للتأكد من براءتنا، وأتمنى على مجلس الشعب بأن يقوم بالدور المناط به دستورياً في الرقابة على أعمال الحكومة، وأن يبتعد عن دور الشريك للحكومة لأنه يناقض الدستور، علماً بأنني قمت برفع دعوى قضائية جزائية ضد مدير الشؤون الصحية محمد غالي، والدعوة منظورة أمام محكمة بداية الخبراء الثالثة بحمص بتهمة الفساد الإداري والافتراء وإساءة استعمال السلطة... وأنا على أمل أن ينصفني القانون.

ومن المستغرب حقاً صمت ممثلي اتحاد العمال في مجلس الشعب عن هذه القضية، رغم علمهم ببراءة هؤلاء العمال، على الرغم من أن مجلس الشعب هو المكان المناسب لحل قضايا الشعب وخاصة العمال والفلاحين، وإلا فلماذا هؤلاء النواب موجودون في المجلس أصلاً...؟!

وفي النهاية أحب أن أذكر بالمبادئ القانونية للمحكمة الإدارية العليا، والتي تنص على مايلي:

«من شأن خلو القرار الإداري من المستند القانوني الذي يركن إليه أن يهوي به إلى درك الانعدام» 

■ إعداد: حكمت سباهي

آخر تعديل على الإثنين, 05 كانون1/ديسمبر 2016 23:12