في الرقة حتى المقابر والأموات... يبيعها «داعش»!
يعيش غالبية سكان الرقة بالأساس على موارد التجارة والزراعة والحرف والمهن الخفيفة وتربية المواشي، بالإضافة للوظائف الرسمية في الدولة.
هناك العديد من المعامل والمنشآت الصناعية والزراعية بالرقة، وأغلبها لقطاع الدولة، وقد توقفت جميعها عن العمل والإنتاج بعد سيطرة رأس حربة الفاشية الجديدة (داعش) على المحافظة.
جحيم الحياة
قام تنظيم داعش بحرمان الموظفين من السفر إلى دمشق والمحافظات التي تقع تحت سيطرة النظام والجيش العربي السوري، كما قام بإيقاف التعليم ومنع النساء من الخروج من مناطق سيطرته، وأحال الحياة اليومية إلى جحيم، مع البدء في عملية غسل الأدمغة للأطفال والشباب، وكان ذلك سبباً في تحطيم الحياة المعيشية والاجتماعية، وبات السكان في وضع سجن أقرب إلى (غوانتنامو كبير).
تدهور الزراعة
كان الموسم الزراعي لهذا العام من أسوأ المواسم الزراعية عبر سنوات طويلة، وخاصة لمحصولي القمح والقطن، حيث تأثر بعدة عوامل، أهمها:
ارتفاع أسعار الأسمدة إلى /120000/ مليون ومئتا ألف ليرة سورية للطن الواحد، وانخفاض المردود الإنتاجي لدونم القمح إلى 150 كغ، والقطن حوالي 150كغ.
الفلاحات والعمليات الزراعية المكلفة بسبب غلاء المحروقات، حيث أصبحت كلفة الهكتار الواحد حوالي /18/ ألف ليرة سورية.
كلفة المبيدات العشبية والحشرية، والتي على الأغلب ما تكون فاسدة، حيث أن كلفة الهكتار الواحد حوالي /20/ ألف ليرة سورية.
كلفة ري الهكتار /10000/ عشرة آلاف ليرة سورية.
وهناك نفقات أخرى من عمالة زراعية وتعشيب وحصاد وقطاف.
بالإضافة إلى «الزكاة» على المحصول التي تؤخذ لصالح داعش، وتعادل /10%/ من قيمة الإنتاج.
ذلك كله أدى إلى انخفاض وتدهور الزراعة بنسبة 75%، وخروج مساحات واسعة من الاستثمار، ناهيك عن تملح الأراضي التي خرجت عن الزراعة.
خدمات سيئة ومرتفعة السعر
سمح التنظيم باستجرار الكهرباء مدة زمنية قدرها /6/ ساعات باليوم للمواطنين وبقيمة 2000 ل.س، وكذلك مياه الشرب التي تضخ من النهر مباشرة دون معالجتها بمحطات التصفية، وعادة ما تكون محملة بالأمراض والأوبئة، بفاتورة شهرية 1800 ل.س، وفاتورة الهاتف بقيمة 2000 ل.س، بالإضافة إلى أجارات المحلات التجارية، فعلى صاحب المحل التجاري، حتى إذا كان ملكه الخاص، أن يدفع آجار وضريبة 25 ألف ل.س، ناهيك عن تأجير الممتلكات العامة إلى المرابين والسماسرة الموالين لـ «داعش» بأسعار مرتفعة تدخل جيوبهم.
وقد قام التنظيم الفاشي المجرم مؤخرا بإصدار جوازات سفر لمن بحاجة إلى علاج صحي خارج المحافظة بكلفة 15 ألف ل.س. ولا يسمح التنظيم لأحد من البشر بالنزوح إلى أماكن سيطرة النظام، تحت طائلة قطع الرؤوس وتعليقها على أسوار دوار النعيم الموجود بالمدينة.
سرقة المال العام
كما قام التنظيم المجرم بتعهيد المنشآت والدوائر الحكومية، التي كان يستعملها مقرات له، بعد قصفها من قبل الطيران، إلى متعهدين وذلك لبيعهم مواد الحديد الموجودة بالإسمنت المحطم، ناهيك عن بيع النفط الذي يعتبر الشريان الاقتصادي الأول الذي يساعده في جني رأس المال الكبير له.
سماسرة وجوع
كما أطلق داعش يد التجار والسماسرة التابعين له، وحرر الأسواق والبيع لصالح الربح الخاص له، فـ كغ الخبز يصل إلى 225 ل.س، وارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى ما فوق الريح، وأصبح المواطن على حافة الموت من الجوع والحرمان.
بيع القبور
حتى المقابر بأمواتها لم تسلم من براثن الإرهاب وغدره، فقد تم إعلان مزايدة علنية ببيع البلوك الموجود حول كل قبر من مقابر المحافظة كافة إلى متعهدين بسعر البلوكة 60 ل.س، وسعر النصب الشاهدة الموجودة على القبر بسعر 2500 ل.س، إضافة إلى متعهدين لتسوية القبور وطمس معالمها.
تلك الممارسات الإجرامية الوحشية كلها أدت إلى نزوح سكاني هائل باتجاه تركيا– أوروبا، لأن هذا التنظيم الخبيث منع النزوح باتجاه مناطق سيطرة النظام.
وحسب المعلومات الواردة إلينا من الرقة لم يبق سوى 30% من سكان المحافظة، والبقية الباقية هاجرت طلباً للحياة، ومن الخوف والموت والجوع والنهب والسلب، والقتل الممنهج.
إلا أن هذه الممارسات الوحشية والإيديولوجية الشيطانية التي يتبعها هذا التنظيم الإرهابي لم ولن تفلح، كونها تخالف الطبيعة البشرية والإنسانية ومصلحة المواطنين.
هذا ما تعانيه تلك الرقعة الجغرافية من الخارطة السورية الغنية بنفطها وزراعتها واقتصادها وطيبة شعبها.
ويبقى التساؤل المشروع على لسان الأهالي: «متى ستنتهي مأساتهم الإنسانية؟».