يامن طوبر يامن طوبر

مزارعو التبغ: البذار مغشوشة، والأسعار أقل من التكاليف!

هل ستؤدي السياسة الاقتصادية الحالية التي تتبعها الحكومة السورية إلى تحويل 9400 عامل في المؤسسة العامة للتبغ إلى عاطلين عن العمل؟ وهل لدينا فائض في إنتاج التبغ والتنباك لا تستطيع الحكومة تسويقه؟ هل هناك من يسعى لخصخصة المؤسسة العامة للتبغ، فيحاول شلَّها بإتباع عدة خطوات تخريبية، بدءاً برفع الدعم عن المزارعين وانتهاءً بالبذار المغشوشة.

أسئلة كثيرة نستشّف الإجابة عنها في ثنايا الحوار الذي دار في الندوة المصغرة الخاصة بزراعة التبغ، والتي دعا لها مجلس محافظة حماة لوحدة الشيوعيين السوريين، في مدينة السقيلبية، بتاريخ 9/7/2008، والتي تركزت حول محورين رئيسين، الأول هو  أسعار محصول التبغ، ووجوب رفعها، لتتناسب مع زيادة أسعار المحروقات، وتكاليف الإنتاج العالية. والثاني كان مسألة البذار المغشوشة االتي استلمها المزارعون من المؤسسة العامة للتبغ.

• افتتح الندوة المحامي بديع بنود، وبكلمة مختصرة رحب بالمشاركين، ثم بدأ مداخلته بإلقاء الضوء على محوري الندوة، ومطالب مزارعي التبغ  بوجوب رفع سعر محصول التبغ  ليتناسب مع تكلفته العالية، وبالتحقيق بمسألة بذار التبغ الخليط، الذي سلمته المؤسسة العامة للتبغ لمزارعي الدخان، وأضاف: نحن في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين ضد نهج الحكومة الداعي لخصخصة القطاع العام، وتدمير القطاع الزراعي، والذي يؤدي إلى تجويع المواطنين، وإفقار البلاد، وتخريب مصالح الطبقة الكادحة، ومن هذا المنطلق كان الهدف من هذه الندوة هو لقاء الفلاحين، وتسليط الضوء على مشاكلهم الزراعية، وتأييد مطالبهم العادلة.

• قام بإدارة الندوة الرفيق أنور أبو حامضة، متحدثاً باسم اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين ومتطرقاً للوضع السياسي العام، حيث أشار إلى نهج الفريق الاقتصادي في ما يخص المسألة الزراعية، وأكدَّ على أنه سيؤدي إلى الكارثة، لأن رفع يد الدولة عن حماية هذا القطاع المنتج للخيرات المادية، الصناعية والغذائية، سيجبر الفلاحين على ترك أراضيهم، وبالتالي سيؤدي إلى فقدان الوطن لأمنه الغذائي. لذلك آن الأوان لإعادة النظر بهذه السياسات، واستبدالها بسياسات زراعية وصناعية تؤدي لرفع الإنتاجية، وتحسين دخول المواطنين، كي يستمروا في أعمالهم .

• وبعد هذه المقدمات، بدأ المزارعون بتقديم مداخلاتهم، التي طرحوا فيها همومهم ومطالبهم: 

أسوةً بمزارعي القطن

• عيسى الحسون: أطلب من المسؤولين والجهات العامة المختصة إعادة النظر بأسعار التبغ، أسوةً بأسعار المحاصيل الزراعية الأخرى، وخاصةً بعد غلاء أسعار المازوت، وإذا كان مزارعو القطن، الذين يعتمدون في ري أراضيهم على الآبار الارتوازية، قد حصلوا على منحة 3 آلاف ليرة سورية لكل دونم مروي، فلماذا نستثنى نحن من المنح ، رغم أننا نعتمد على الآبار الارتوازية أيضاً، فتكلفنا الطبخة الواحدة في الفرن، الذي يعمل على المازوت، 25 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت تكلف حوالي 5900 ليرة سورية قبل غلاء المازوت . 

البذار مغشوشة ومخالفة للمواصفات

• ياسين اليوسف: نحن ملزمون باستلام البذار من المؤسسة العامة للتبغ، وكالعادة نقوم ببذرها  ضمن حاضنات، لتصبح شتلاً، ومن ثم نشتلها في الحقول المخصصة لزراعتها، إلا أن الوضع هذا العام كان مختلفاً، فقد كان الإنبات ضعيفا جداً، لأن البذار التي استلمناها مخالفة للمواصفات، وهي تنتمي لأكثر من أربعة أصناف مختلفة، في حين كان يجب أن تكون من صنف «فرجينيا» عالي الإنتاج، فكيف نستطيع أن نسترد المصروفات والنفقات التي صرفناها على حقولنا، وهل سيضيع تعبنا دون  تعويض؟والخوف كل الخوف، عند انتهاء الموسم وجني المحصول، ألا تقبله لجان الاستلام المختصة في التسويق، لكونه مخالفاً للمواصفات، عندها كيف سيصبح حالنا؟ علماً بأن خسارتنا محققة حتى بدون ذلك، بسبب زيادة أسعار المازوت. أما كيف عرفنا أن البذار الموزعة علينا لم تكن من صنف الفرجينيا، فذلك يعود لأننا نحن مزارعي التبغ، الذين بقيت عائلاتنا لأكثر من 60 عاما تعمل بزراعة الدخان، اكتسبنا خبرة في التمييز بين أصناف الدخان، ونحن نعرف جيداً أن الفرجينيا يتميز بأوراقه المتباعدة، أما الأصناف الأخرى فأوراقها متقاربة جداً لحد الالتصاق، وهي ضعيفة النسيج وعديمة المردودية. وإذا كان المسؤولون لايثقون بخبرتنا الزراعية، فنحن نطالب بالكشف على حقولنا، وفحص البذار، ليتبين أننا مغبونون.

بسبب كل هذه الظروف أنا مهدد بلقمة عيشي، فربما لايعود صاحب الأرض إلى تشغيلي فيها، بسبب رداءة المحصول هذا العام. 

• علي خالد «مزارع بالحصة من قرية العشارنة»: تبين لنا أن الدخان المستلم ليس نقيا، وهو خليط من عدة أصناف، ونحن متخوفون من أن المؤسسة قد لا تستلم إنتاجنا من التبغ في هذا العام، على أساس أنه ليس من صنف فيرجينيا، الذي يفترض أن المؤسسة قد قامت بتسليمه لنا، وبناءً على خبرتي فأنا أجزم بأن بعض الأصناف التي أعطيت لي هي من أنوع  «برليب» و«زغارين»  و«فرجينيا عملاق»، وهذه الأصناف ليست اقتصادية بل إن مردودها لا يساوي شيئاً، وهي تشكل نسبة أكثر من 30 % من نباتات الحقل . 

بسبب تصرفات الحكومة

كرهنا الأرض وزراعتها

• المزارع جمعة: أكد على ما قاله الفلاحون الذين تحدثوا قبله، وأضاف أن الدخان المزروع في حقله قد أزهر قبل أوانه، وهذا يؤكد على أنه ليس صنف فرجينيا، الذي خبره منذ سنين، وطالب بزيادة أسعار التبغ بعد زيادة  أسعار المازوت، وقال بحرقة والدمع يجول في عينيه: «كرهت الأرض وزراعتها، وكرهت نفسي، ولكنني مجبر على المتابعة، لعله يوجد من ينظر إلى وضعنا، ويعالج حالتنا المأساوية.«

• فلاح آخر يقول: إذا كان المقصود إخراجنا من أرضنا بسبب هذه الكلف العالية، فسنتحول إلى لصوص أو متسولين، وأضاف: لقد زرعت عدة أمتار من حقلي ببذار العام الماضي، فكان الإنبات جيداً جداً، والمواصفات مطابقة تماما لصنف الفرجينيا، وهذا ما يؤكد أن بذار العام الحالي ليست نقية. 

الخلط بالأصناف، وعدم الإشراف على حقول الإكثار

هو ظاهرة فساد بامتياز

• المهندس الزراعي فيصل عراضي: في حال كان هناك خلط في الأصناف، فالشيء المؤكد هو وجود عمليات فساد، وتقصير بالإشراف على حقول الإكثار عند المزارعين، ومن المفترض أن يقدم المهندس المشرف تقارير دورية عن عمله الإشرافي، ويبدو انه قد تقاضى رشوة مقابل سكوته عن المخالفات الموجودة في حقول إكثار البذار، والاحتمال الآخر أن حقل إكثار البذار مخالف للشروط الفنية، فعند اختيار الحقل يجب أن يبعد ألف متر على أقل تقدير عن الحقول الأخرى، لضمان عدم التهجين بالعوامل الطبيعية، والحشرات الناقلة لغبار الطلع .

 وهنا نستعين  بالجدول الذي سبق وقدمه الأستاذ أيمن عبد المسيح حول كلف و مستلزمات إنتاج الدونم الواحد من التبغ، والذي يبين عدم الجدوى الاقتصادية لزراعة التبغ في ظل الأسعار الحالية، ومنه يتضح أن سعر مبيع إنتاج الدونم الواحد من التبغ هو أقل من تكلفته، وعليه نعيد ونؤكد ما سبق نشره في صحيفة قاسيون، وهو أن السعر المجدي للكيلو غرام الواحد من التبغ هو 152 ليرة سورية بدلا من 113 ليرة سورية، إذ علمنا أن الدونم الواحد ينتج 350 كغ.

وإذا كانت المؤسسة العامة للتبغ تنتج أكثر من ألفي طن من التبغ والتنباك، وإذا كان التبغ السوري مطلوباً عالميا كما تقول المؤسسة، وهي من المؤسسات الرابحة والرافدة للموازنة العامة للدولة، وتساهم بإعالة أكثر من نصف مليون مواطن، من أسر العمال والفلاحين، هذا عدا عن ماتشغله بشكل جزئي من أيد عاملة، في بيع وتوزيع التبغ محليا، وإذا كانت هذه الصناعة عريقة وتعود إلى أكثر من قرنين من الزمن، فمن له مصلحة بعرقلة تطورها ونموها وجرها إلى الخسارة، إنها بالتأكيد الأيادي العابثة باقتصاد البلد .

على الجهات المعنية التحقيق في صفقة البذار المغشوشة، وبلسمة جراح الفلاحين المتضررين،  من خلال تعويضهم عن خسارتهم، ورفع أسعار محصولهم من التبغ .

آخر تعديل على السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2016 11:46