كيف أصبحت شيوعياً
ضيف هذه الزاوية الرفيق عبد العزيز حسن حسين.
الرفيق المحترم أبو زويا نرحب بك، ونسألك أن تحدثنا كيف أصبحت شيوعيا؟.
أنا من مواليد قرية كريزيل ناحية تل براك بمحافظة الحسكة عام 1943 في عائلة شيوعية، فأعمامي، وإخوتي الأكبر مني سناً (يحيى حاجي، وشلال، وحسين عمرو) أعضاء في الحزب، وبتأثيرهم وبخاصة في أجواء انتخابات عام 1954 التي خاضها الرفيق خالد بكداش في دمشق، والرفاق جكر خوين وإبراهيم بكري وصديق الحزب فؤاد قدري في الجزيرة، وجدت نفسي وسط نشاط الرفاق، فبدأت أدرك شيئاً فشيئاً الخطوط العريضة لنضال الكادحين ضد الاستغلال والظلم، وبدافع وطني وطبقي تقدمت بطلب انتساب للحزب عن طريق الرفيق الطيب أحمد شيخو، وتم قبولي عام 1956 عضواً في فرقة يقودها الرفيق محمد سعيد قسام وهو من جبلة، لأبدأ دربي الطويل مع نضال الرفاق وحتى هذا اليوم.
وبعودة سريعة إلى شريط الذكريات أتذكر بوضوح تام نضال الحزب ومعاركه الوطنية والطبقية، وعندما تعرض الحزب لحملة قمع وحشية عام 1959 كلفتني قيادة منظمة الجزيرة عن طريق سكرتيرها الرفيق رمو شيخو (أبو جنكو) بالذهاب للحسكة متفرغا للعمل الحزبي السري (براتب وقدره ثلاثون ليرة)، وعملت مع الرفاق ملا رشيد وإلياس مرحو وعيسى ملك، وقبيل الانفصال عام 1961 بعشرين يوماً قررت المنظمة نقلي للعمل في مدينة القامشلي، وهناك صرت عضواً في اللجنة المحلية فيها مع الرفاق ديبو ونيشان ويوسي وبإشراف الرفيق ملكي عيسى. وفي بداية حكم الانفصال حضرت الاجتماع الموسع لاتحاد الشباب الديمقراطي في سورية بمدينة دمشق، وانتخبت عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد ومسؤولاً عن منظمة الشباب في منطقة الجزيرة بإشراف الرفيق صبحي أنطون عضو اللجنة المنطقية، وفي أحد الاجتماعات عام 1963 داهمتنا قوة من الأمن في الحارة الغربية بالقامشلي واعتقلت عدداً منا، وهرب البقية، وتعرضت أنا والرفيق سليم معمو للتعذيب لمدة شهر في مركز الأمن بالقامشلي، ثم قدمنا لمحكمة أمن الدولة في دير الزور، وحكم عليّ بالسجن لمدة عام.. كما تعرضت للتوقيف عدة مرات لفترات قصيرة، وفي عام 1967 تزوجت الرفيقة كولجهان رشيد التي شاركتني الحياة حلوها ومرّها، وساهمت معي في كل المهمات الحزبية وخاصة السرية. وفي عام 1968 التحقت بالمدرسة الحزبية العليا في موسكو لمدة عامين، وبعد عودتي إلى الوطن كلفت بالعمل ضمن جهاز القيادة في دمشق لمدة أربع سنوات متنقلاً بين أحيائها من مساكن برزة إلى المهاجرين، ثم كلفتني القيادة بالعمل مع منظمة الحزب في اللاذقية وبقيت فيها مدة سبع عشرة سنة، كما عملت مع الرفاق في إدلب وطرطوس، وفي المؤتمر السادس للحزب انتخبت عضواً في اللجنة المركزية، وفي المؤتمر السابع انتخبت عضواً في المكتب السياسي وأقمت في دمشق.
وقد عشت ظروف الانقسامات التي زلزلت كيان الحزب وحجمت دوره، والتي مازلنا نعاني آثارها المؤلمة، والأمل كبير بالتصدي لها، والثقة لدى معظم الرفاق أكيدة بإنهائها بجهد الجميع، وهنا اسمحوا لي من خلال هذه الزاوية أن أحيي كل الساعين لوحدة الحزب، وفي الوقت ذاته أوجه صادق التحية والاحترام إلى جميع الرفاق والرفيقات الذين عملت معهم في كل المحافظات، وأرجو المعذرة عن أي خطأ يمكن أن أكون ارتكبته، كما أتوجه بالتقدير إلى كل من أسهم ببناء لبنة في صرح الحزب وأذكر منهم الرفاق والرفيقات رشيد كرد وملا رشيد وعبدي يوسف وملا سليمان ورفاعي وصالح علي ونذير عبد القادر وأحمد حاج عباس وعلي دوكو وملكي عيسى وعثمان إبراهيم وحسين عمرو ومارين سروة، ولا أنسى دور الآباء والأمهات والأهل الذين كانوا بحق سياجاً للرفاق في الأوقات العصيبة.
مازلت أتابع النضال مع رفاقي في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في مهمتهم النبيلة، وأدعو جميع الشيوعيين أينما كانوا للنضال معاً من أجل الوحدة، حتى يستعيد حزبنا الشيوعي دوره الوطني والطبقي المنوط به.
ولا بد لي -كوني شيوعياً قديماً - من أن أنبه إلى بعض الأخطاء التنظيمية التي كانت تحدث في حزبنا: ضعف القيادة الجماعية وخاصة دور الهيئات – ضعف الديمقراطية الحزبية – تقديم الكادر أحياناً ليس على أساس الكفاءة والإخلاص والمبدئية، بل على أساس القرب من هذا الرفيق القيادي أو ذاك - النظر للكادر المتفرغ كعامل مياوم غير مثبت وليس كمناضل.. آملاً أن يسعى الجميع للتخلص منها في الفترات القادمة..
وأخيراً، أشكر صحيفة قاسيون التي أفسحت لي المجال لأتحدث إلى رفاقي الشيوعيين.
■ إعداد محمد علي طه