فندق بارون في حلب واغتصاب الحق العام
يعتبر فندق بارون في مدينة حلب، أول وأفضل فندق شيد في هذه المدينة، فقد نزل فيه أهم زوار المدينة، من ملوك ورؤساء، ومطربين وفنانين كبار، أمثال محمد عبد الوهاب، وصباح، وعبد الحليم حافظ، وغيرهم، بالإضافة إلى مجمل الوفود العربية والأجنبية التي حلت في هذه المدينة، وسمي أفضل شارع بحلب باسمه «شارع بارون»، وقد شيد الفندق خارج أسوار مدينة حلب في عهد الانتداب الفرنسي.
فندق بارون بحلب هو عقار رقم 132، منطقة عقارية رابعة، كان للمصرف التجاري السوري بحلب دين على مالكه السابق برامل مظلوميان وشركائه، وقد حرك المصرف التجاري السوري دعوى ضد مظلوميان، وحجز على الفندق، وبيع بالمزاد العلني بتاريخ 16/10/1965، وأصبح الفندق بكل أساساته وتجهيزاته ملكاً للمصرف، وبعد المماطلة والتسويف، لجأ المصرف التجاري السوري إلى مديرية التنفيذ بحلب، وطلب تسليمه العقار فارغاً، فصدر من رئاسة مديرية التنفيذ بتاريخ 20/9/1969 قرار يتضمن إخلاء العقار، خلال ثمانية أيام من تاريخ التبليغ، فلجأ مظلوميان إلى القضاء معترضاً على قرار الإخلاء، وطالت الأيام وتوالت السنون في أروقة القصر العدلي دون أن تحسم القضية.
عاد المصرف التجاري إلى المطالبة بتوجيه إنذار لإخلاء الفندق، وقد تم ذلك، وكان نص الإنذار حرفياً هو: « إنذار بواسطة الكاتب بالعدل بحلب، من المصرف التجاري السوري رقم واحد، حلب، إلى السيد كريكور ابن أرمين مظلوميان، فندق بارون حلب، بما أنك تشغل فندق بارون بحلب العائد للمصرف التجاري السوري، لذا فإننا ننبه عليكم إخلاءه في موعد أقصاه 31/12/1981» وكان الرد أن الموظف محمد فائز ونس، الذي وُجه الإنذار إلى موكله مظلوميان، جاء وسحب الإنذار أمام كاتب العدل الثاني في حلب، السيد محمد العطار، استنكر المصرف هذا الإدعاء، واعترض بكتابه رقم /2083/ تاريخ 20/10/1981 على ما جاء من الكاتب بالعدل السيد محمد العطار، وهنا بدأت اللعبة القذرة.
دخل المصرف في دوامة القضاء، حيث أن مظلوميان دفع مبلغاً قدره ستة وثلاثون ألف ل.س، إلى الحارس القضائي، مرسلاً إياه إلى المصرف، وأعتبره أجاراً، وبدأ يرسل الأجار المصطنع، عن طريق البريد الرسمي، ليعتبر نفسه مستأجراً للفندق، وهو يمارس عمله مستأجراً حتى تاريخه بغير وجه حق.
قام المصرف التجاري السوري بالتنازل عن الفندق لمصلحة وزارة السياحة، لاستثماره وطنياً، بموجب الدعوى التي كانت قائمة بمحكمة النقض رقم 590/1979، وبتاريخ 2/10/1986جاء إلى المصرف التجاري السوري كتاب مكتوم من وزير السياحة إلى وزير العدل، يطلب منه فيه الحفاظ على حق الدولة، وبتاريخ 17/5/1986 تقدمت وزارة السياحة والمصرف التجاري السوري، بطلب الطعن في الحكم لدى محكمة النقض للغرفة التجارية رقم 5808/1986، علماً بأن المصرف التجاري السوري قام بتسديد الضرائب والرسوم عن ملكيته للفندق، حيث أنه دفع للمالية 114102.40 ل.س وإلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية مبلغاً قدره 66397.60 ل.س. وفي متابعتي للقضية قال لي محامي المصرف الأستاذ طريف كيالي، إن المحكمة خلال ستة أشهر لم تستطع تبليغ ورثة مظلوميان لأن البعض منهم مقيم في الولايات المتحدة الأميركية.
ذهبت إلى الهيئة المركزية للرقابة المالية بحلب، وتقدمت بطلب شكوى خطي، كوني مدققاً معتمداً أصولاً للمصرف التجاري السوري، وحائزاً على وسام بطولة الإنتاج على مستوى القطر. و الشكوى الخطية سجلت تحت رقم 437/3/4 تاريخ 27/5/2002، طلبت فيها تدخل الهيئة في الموضوع، لتحصيل حقنا المهدور، وحتى تاريخه لم تحرك الهيئة ساكناً.
الفندق مايزال ورثة مظلوميان يشغلونه في وضح النهار، هكذا تهدر الأموال العامة، وتغتصب عقاراتنا وتسلب دون خوف أو وجل، في حين لاتحرك الجهات المعنية ساكناً للحفاظ على هذه الحقوق.