المكاتب الاستشارية وآمال المهندسين
عدل القرار رقم /88/ تاريخ 29/7/2007 الصادر عن نقيب المهندسين وبناء على قرار المؤتمر العام في دورته الواحدة والثلاثين المنعقدة يومي 27و28/2/2007 والذي تمت المصادقة عليه من وزير الإسكان والتعمير المادتين 93و94 من نظام مزاولة المهنة، إتاحة للفرصة أمام الزملاء المهندسين لتشكيل مكاتب هندسية استشارية تخصيصية، أو متآلفة، أو متكاملة، أو شركات هندسية استشارية تمارس العمل الهندسي الاستشاري في مجالات الدراسات والتدقيق وإدارة المشاريع والإشراف في عشرة أنواع رئيسية من العمل الهندسي، هي: المباني، والطرق والجسور، والهندسة المائية والصرف الصحي، والبيئة ومحطات المعالجة، وتنظيم المدن والمسح الطبوغرافي، والطاقة والتحكم، والهندسة الصناعية، وهندسة المعلومات والكومبيوتر، ومشاريع النفط والغاز، والمناجم والمقالع.
ولقد جاء هذا القرار كخطوة على طريق عملية تطوير نظام ممارسة مهنة الهندسة، ورفع سوية العمل الهندسي... ومن المفيد إجراء تقييم دوري لهذه الخطوة، وهذا ما سيقوم به المؤتمر المقبل، وفي هذا السياق من المفيد مناقشة جميع القضايا والثغرات التي أعاقت عمل المكاتب الاستشارية وسبل تلافيها وتطويرها، ولقد كان مفيداً تنظيم استمارة بحث تتضمن مجمل المعوقات وتوزيعها على السادة المهندسين وعلى المكاتب الاستشارية، وجمعها في بنك معلومات تابع للنقابة المركزية، وعرضها على المؤتمر... فضلاً عن ضرورة تفعيل موقع الكتروني في شبكة الانترنت خاص بنقابة المهندسين، يشمل جميع أوجه نشاط النقابة يحتوي على موقع فرعي للمكاتب الاستشارية، للتفاعل بين هذه المكاتب، ومتابعة عملها ونشاطاتها وهمومها وشجونها.
وسأتطرق في مقالي هذا إلى مسألتين أعتقد أنهما تشغلان الكثيرين من الزملاء المؤسسين لهذه المكاتب، هما مساحة المقر، وتأمين جبهات العمل.
اشترط القرار رقم /88/ أعلاه أن يكون للمكتب الاستشاري التخصصي مقر لائق في الفرع المسجل به، واشترط أن لا يكون ذلك ضمن المستودعات والمحلات التجارية وأن يكون مزوداً بالمرافق الصحية، وأعتقد أنّ هذه الشروط ضرورية ومنطقية، والمسألة التي تثير النقاش في هذا المجال هي الحدود الدنيا للمساحة، التي اشترط القرار أن لا تقل عن 150 م2 وتزاد بمعدل 30 م2 لكل اختصاص فوق الاختصاصين الأولين. فما هي مبررات اشتراط هذه المساحة التي قد لا يستطيع عدد كبير من الزملاء تأمينها في ظروف أسعار العقارات المتسارعة في الارتفاع. لنفترض أن المكتب الاستشاري الهندسي مؤلف من اختصاصين اثنين (الاختصاصين الأولين كما ورد في البند خامساً من القرار) فما هي المكاتب الضرورية لهذا المكتب، وكم تبلغ مساحتها: يحتاج هذا المكتب إلى: مكتب لمديره، ومكتب لكل اختصاص، ومرسم أو صالة كمبيوترات وطابعات، وغرفة استقبال، وغرفة للجهاز الإداري، أي ما يعادل ست غرف المساحة الدنيا لكل منها 15م2 أي ما مجموعه 90م2. وتؤيد هذا الرأي عملية انتشار أجهزة الكمبيوتر المحمولة، حيث أصبحت أغلب الأعمال تنفذ في أكثر من موقع وليس في موقع ثابت واحد، فمن المعروف أن كثيرين من الزملاء يتابعون كثيراً من أعمالهم الهندسية بواسطة الكمبيوتر، ليس في مكاتبهم بشكل مطلق.
كما نص البند 5-8 على تجميد أعمال المكاتب العادية لكل مهندس من المهندسين المؤسسين للمكتب الهندسي الاستشاري والشركة الهندسية الاستشارية.. أرى ضرورة تعديل هذا البند واعتبار المكاتب العادية لكل مهندس فروعاً للمكتب الاستشاري، وأخذ مساحتها بعين الاعتبار نسبياً عند تطبيق شرط المساحة على المكاتب الاستشارية.
وتوجد مسألة أخرى تتعلق بالمساحة تحتاج إلى مرونة في معالجتها، هي وجود بعض المكاتب العادية عائدة للزملاء الراغبين في تشكيل المكاتب الاستشارية في بناء واحد، وقد لا تكون متصلة (كأن يفصل بينها ممر أو موزع عام فقط) لكنها مفتوحة باستمرار، أو في طابقين اثنين. لنفترض أن شركة ما من شركات القطاع العام أو الخاص أرادت استئجار هذه المكاتب، ألا يسمح لها القانون بشكل عام بممارسة المهنة فيها، أعتقد أن ذلك حاصل ويحصل كثيراً ومن الضروري والمفيد أن ينطبق ذلك على المكاتب الاستشارية الهندسية.
من كل ما تقدم يتبين أن الحد الأدنى للمساحة المطلوب يتطلب مراجعة، ونقترح اعتماد مساحة 90 م2 كحد أدنى مع أخذ مساحة المكاتب الهندسية العادية وتوضعها بعين الاعتبار...
فيما يتعلق بجبهات العمل أمام المكاتب الاستشارية، من المفيد دراسة كيفية مساعدة المكاتب الاستشارية المحدثة للحصول على جبهات عمل، وخلق ظروف ملائمة وسليمة من المنافسة النزيهة، والمتكاملة خدمة لتحسين مهنة الهندسة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أغلب الزملاء الذين يعملون في هذه المكاتب، يعتمدون على نتاج عملهم في الحياة، ولم نصل إلى مرحلة العمل للمتعة فقط... ونظراً لوجود كثير من الظواهر غير السليمة في العلاقات الاجتماعية التي تعمل هذه المكاتب في أجوائها، من المفيد تنظيم ظروف عملها وإيجاد قنوات سليمة بينها وبين الجهات التي ستتعامل معها بما في ذلك شركات ومؤسسات القطاع العام.
إن خبرة العمل الهندسي الاستشاري مازالت جنينية، وتحتاج إلى فترة من الزمن كي تتكامل، وتصل إلى المستوى المنشود، ومن المفيد التعامل مع هذه القضية بموضوعية، ومنح فترة انتقالية مناسبة لهذه المكاتب كي تثبت جدارتها. وفي هذا السياق من الضروري التنويه إلى أن اللجان المختصة بتشكيل المكاتب الهندسية في الفروع وفي النقابة المركزية، كانت وما زالت مرنة جداً، وتلعب دوراً هاماً ومساعداً في التسهيل على السادة الزملاء لتشكيل المكاتب الاستشارية الهندسية، متفهمة أحوال الزملاء بعيداً عن الفهم الجامد للنصوص، وآمل أن تستمر جميع اللجان في لعب هذا الدور المنطقي والعملي باستمرار.