الغلاء في سورية... حديث الساعة

تأويلات كثيرة رشحت نفسها لتفسر هذا الغلاء المفاجئ في سورية، بعضها قالت إن الوضع السياسي المتلبد بالغيوم الداكنة في المنطقة هو السبب والتداعيات التي تعيشها المنطقة وتغتال قلوبنا كل يوم،  وآخرون قالوا إن اللاجئين العراقيين هم الذين شكلوا عبئا ثقيلا على البلد، وهم، بزيادة الطلب على المواد، سبب الغلاء الموجود حاليا والذي يزداد كل يوم أكثر فأكثر.

يبدو في هذا العام أن الغلاء أطاح بأحلام الكثير من الشباب وحطم نفسية السوريين، حيث أن  السرافيس عدلت الأسعار بسبب رفع سعر المازوت، وأصبحت تصطف في الكراجات المخصصة لها على غير عادتها بانتظار الركاب، وأصبحت الأفران لا تنظم إلا بوجود دورية الأمن، خوفا من المشاكل أو اخذ مواطن ربطة خبز زيادة عن حاجته، أما المواد والسلع الغذائية الأخرى فمشكلتها أكبر لأنها في دوامة عدم استقرار الأسعار، هذا عدا المتسولين الذين زاد عددهم في أزقة دمشق القديمة وضواحيها، والذين نحن بغنى عن ذكرهم هنا .

يرى أبو صالح أن الحياة رغم حلاوتها تفرض ضغوطا اقتصادية واجتماعية ليست بقدرتنا  مواجهتها، ولكن الأمر هذه المرة، أن زادت عن الحد المعقول والمحتمل، فمع بداية الأزمة المذكورة أصبح التجار يتلاعبون بالأسعار كيفما أرادوا، مستغنين عن كل ما هو في نطاق الأخلاق ومراعاة الظروف، بالرغم من متابعة التموين لهم ومخالفتهم. ويضيف أبو صالح متنهداً: أن تقوم جمعية حماية المستهلك بدورها في هذه المرحلة الحساسة وأن تقوم الجهات المسؤولة بمحاسبة التجار الفاسدين، الذين يستغلون كل الظروف لضرب الاقتصاد السوري.

أما أم قيس/ كاتبة/ فتقول: الذي يتابع الوضع يلاحظ  أن مدينة دمشق كانت تعج بالناس كالكرنفالات، أما هذه الأيام فأصبحت الشوارع تعج بهدوء نسبي تقل عن الأيام الأخرى فهناك تجار من ذوي النفوس الضعيفة الذين يستغلون الظروف حيث أسواق دمشق التي كانت يضرب فيها المثل أصبحت العكس تماما.

فراس موظف في إحدى الشركات الخاصة، يقول: من السهل التكيف مع هذه الأوضاع، فمثلا بدلا من أن تشتري الخبز السياحي هناك العادي وبسعر أقل، لكن المشكلة، حتى الخبز العادي غير متوفر، (وهون حطنا الجمال) يضيف فراس: هنا تلعب الدولة دورها بمنع التجار من استغلال المستهلكين وتوفير الخبز والسلع الغذائية كلها للمواطنين.

شيرين خليل الطالبة الجامعية، تقول: إن المشكلة تكمن بالعدد الكبير من اللاجئين العراقيين الذين شاركوا السوريين لقمة عيشهم، وتقول إن الاحتلال الأمريكي للعراق جعل المنطقة كلها تدخل في بؤرة من التوتر وعدم الاستقرار، هذا كله إضافة إلى التجار الذين لا يقلون عن الأمريكان تأثيراً وتخريباً للبلد، فهم الذين يتلاعبون بإيقاعات السوق وبالتالي التلاعب بحياة الناس.

   هيلين بركات حقوقية تقول: كنا عايشين بسلام وأمان، بس يلعن أبو العولمة وساعتها، وتضيف ربما علينا العمل من أجل العيش فقط لأن مستلزمات الحياة في هذا الوقت وبهذه الأسعار لا تدعك تفعل شيئا خارج نطاق العيش، فكيلو البطاطا، ذلك الغذاء الرئيسي لأغلب السوريين، أصبح بـ 60 ليرة سورية، أي تقريبا ما يزيد عن دولار أمريكي.

    ويقول احد الأخصائيين في الاقتصاد: إن الدولة تعمل جاهدة لحماية المستهلك وحان الوقت لتقوم جمعية حماية المستهلك بدورها الرئيسي والهام، ويضيف على الجهات المسؤولة أن تتدارس الواقع الاقتصادي مابين كل من وزارة المالية والاقتصاد، واتحاد غرف التجارة في المحافظات من أجل حماية المواطن السوري، ومن اجل وضع حد للتجاوزات غير القانونية.

    نلاحظ من خلال هذا التقرير البسيط أن المواطن السوري في حالة يرثى لها، وأن الأسواق والسرافيس، وحتى الأفران، كل منهم يحاول استغلال المواطن الذي دخله لا يتناسب مع هذا الصرف أو الغلاء غير المعقول ، وأن زيادة الرواتب لا تكفي لسد هذه الثغرة التي تكبر يوما بعد يوم، فأرقام الشكاوي لا تكفي لحماية المواطن، لأن المشكلة هي مشكلة عامة وليست خاصة، ولكي نتجنب المشاكل التي تحدث في الأفران وفي السرافيس والأسواق يجب مراجعة هذا الغلاء المفاجئ بأقصى سرعة، ووضع حلول سريعة ومقنعة له، وهذه المهمة تقع على الجهات المسؤولة التي عليها محاسبة التجار المستغلين لظروف البلد.

نأمل أن تلقى هذه الكلمات صداها لدى الجهات المعنية...

شيار عيشوكة ـ دمشق

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 02:01