«بدون شوشرة»..  محافظة دمشق ترضخ لمطالب سائقي السرافيس

«بدون شوشرة».. محافظة دمشق ترضخ لمطالب سائقي السرافيس

بكل هدوء وبعيداً عن الإعلام والتصريحات الرسمية، اتخذت محافظة دمشق قرارها للمرة الثانية خلال شهر واحد، برفع تعرفة الركوب للسيارات العامة العاملة على المازوت بنسبة 10%.

وتفاجأ المواطنون من استبدال لصاقة التعرفة بأخرى أعلى منها، وذلك رغم مرور أقل من شهر على توزيع اللصاقة السابقة، علماً أن معظم السائقين لم يتقيدوا بها وطالما تقاضوا زيادة عليها بعدة أساليب.

السائقون أضربوا والمحافظة استجابت

(قاسيون) بحثت في خلفيات الموضوع، واتضح أنه تمّ إصدار قرار جديد برفع التعرفة بنسبة 10%، بذريعة عدم احتساب قطع التبديل ضمن التعديل السابق، القائم على ارتفاع سعر المازوت، إلا أن الحقيقة، تتضمن كذلك ضغوطاً مارسها سائقو السرافيس عبر الإضراب عن العمل، والمطالبات الحثيثة كي يتم تعديل التعرفة، ورفعها لتكون «منصفة» لهم على حد تعبيرهم، لترضخ محافظة دمشق وتعلن عن تعرفة رسمية تساوي التعرفة التي كان السائقون يتقاضونها بشكل مخالف في بعض الخطوط.

وعلمت (قاسيون) أن من بين خطوط السرافيس التي أضرب سائقوها هي خط حي الورود– دمشق، حيث اعتبروا تعرفة الركوب «ظالمة» بحقهم، وتقاضوا أجراً بزيادة 50% عن التعرفة المحددة لهم من المحافظة، الأمر الذي دفع المواطنين للشكوى، لكن دون أية نتيجة.

بلا قرار رسمي.. التعرفة بمزاج السائقين

أما المواطنون، فقد اشتكوا حالهم جراء ممارسات سائقي السرافيس على عدة خطوط، وانعدام الرقابة على عملهم، حيث يتقاضى معظمهم مثل خط ركن الدين شيخ خالد والمزة 86 تعرفة زائدة منذ ارتفاع سعر المازوت بمقدار 5 ليرات، عن تلك التي حددتها المحافظة، بحجة عدم توفر «فراطة» لإرجاعها، أو عبر «التطنيش» ما لم يطالب الراكب بالباقي.

فيما يتقاضى سائقو خط  صحنايا 100 ليرة على الراكب الواحد، كذلك سائقو خط حي الورود مساكن الحرس الذين يتقاضون 75 ليرة وأحيانا 100 ليرة، ومثلهم سرافيس ضاحية قدسيا.

مواطنون: ألغوا السرافيس واضبطوا الفساد

وطالب المواطنون في شكواهم لـ(قاسيون) بتشديد العقوبة على مخالفة التعرفة، وتطبيقها مهما كانت، إضافة إلى المطالبة بتوفير باصات نقل داخلي للقطاع العام وإلغاء السرافيس على بعض الخطوط، أو الحد منها.

وحمّل بعض الأشخاص المسؤولية عن تلك المشكلة للجهات الرسمية المسؤولة عن الرقابة والمتابعة «شرطة المرور وحماية المستهلك»، متهمين بعض العاملين فيهما بالفساد وتقاضي الرشاوى مقابل غض النظر عن مخالفات السائقين المنتشرة بكثرة، وخاصة أن هذه المخالفات تنعكس عليهم بشكل مضاعف، وتحديداً بالنسبة للأشخاص الذين يتطلب عملهم أو دراستهم الركوب بعدة سرافيس يومياً بسبب بعد المسافة، وبالذات أولئك القاطنين في الريف مثل جرمانا وغيرها.

سائقو السرافيس: نحن مظلومون وخاسرون

بالمقابل، أكد بعض سائقي السرافيس لـ(قاسيون) إنهم مظلومون بالتعرفة السابقة، حيث لم يتم احتساب تكلفة قطع التبديل والصيانة التي ارتفعت أسعارها وتكاليفها مع ارتفاع المازوت.

وتابعوا، إن احتساب الرفع في سعر المازوت في تعديل التعرفة ليس كافياً، فنحن لا نحصل على المازوت بالسعر الرسمي، ونضطر لدفع حوالي 500 ليرة عن كل تنكة، فضلاً عن اجتزاء الكمية لصالح محطات الوقود التي تتلاعب بالعداد.

ولفت السائقون إلى أن «الحصول على المازوت يفرض علينا التعطل ليوم كامل أو نصف يوم عن العمل، ما يرتب خسارة نتحملها وحدنا».

المحافظة: التعرفة السابقة «منقوصة»

أما عن الإيضاح الرسمي للقرار، فقال عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في محافظة دمشق، هيثم الميداني، في تصريحات إذاعية، إن وزير التجارة الداخلية السابق، جمال شاهين، رفض اقتراح احتساب قطع التبديل ضمن التعرفة، وأكد على أن الزيادة فقط ستتم بناء على ارتفاع أسعار المحروقات.

وأكد ميداني أن عدم احتساب أسعار القطع والتبديل في الارتفاع السابق «لم يلقَ استحسان العاملين ضمن هذا القطاع، ولا السائقين، وهذا ما دفعنا إلى عقد اجتماع مع وزير التموين، وطرح الأمر من جديد وتمت الموافقة عليه».

وكانت محافظة دمشق أصدرت تموز الماضي، قراراً بزيادة 10% على تعرفة الركوب بالسيارات العاملة بالمازوت، وزيادة 27% على السيارات العاملة بالبنزين، وذلك عقب رفع أسعار المحروقات في حزيران الماضي.

شرائح منسية وشريحة محظية

قد تكون هذه المرة الأولى التي تستجيب فيها جهة حكومية لمطالب شريحة من المواطنين، كون السائقين في نهاية المطاف هم شريحة مجتمعية، إلا أن هذه الاستجابة كانت على حساب الشرائح الواسعة الأخرى، علماً أن احتجاجات وحملات واسعة النطاق طالبت بإعادة النظر بقرار رفع أسعار المحروقات الأخير، نظراً للوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه السوريون، وما أدى وسيؤدي إليه ذلك القرار من آثار كارثية عليهم، إلا أن أياً من تلك المطالبات لم تجد نفعها، ولم تتمكن من تعديل القرار ولو بنسبة بسيطة!.

طبعاً مع عدم إغفال أن الشريحة المحظية بتحقيق مطالبها بشكل دائم من قبل الجهات الرسمية الحكومية هي شريحة كبار التجار والمستوردين والسماسرة، ومن لفّ لفّهم، على حساب بقية شرائح المجتمع والمواطنين عموماً، بل على حساب البلد ومصالحه العليا في بعض الأحيان.