عمتي والدردري
دخلت عمتي التي تجاوزت السبعين من عمرها دارنا متثاقلة بعكازها، وجلست على كرسي عتيق وعلامات الغضب والتأفف بادية عليها، وسرعان ما راحت تصرخ:
العمى شو صاير بها البلد؟ والله هالعيشة ما عاد تنطاق..
سألتُها: شو القصة يا عمتي؟ ليش هالحكي؟
قالت: والله ياعمتي رحت مبارح لعند جارنا أبو محمود لأشتري شوية علف للخواريف والدجاجات مالقيت.. قال: والله مقطوع العلف وغليان.. وكان أبو محمود غاضباً أيضاً، ويشتم الحكومة على هالغلا اللي صاير.. لكن اللي كان مزعّل أبو محمود كتير هو مشاهدته على التلفزيون السيد الدردري يدشن معمل دخان أجنبي؟!.. والله ياعمتي يللي صاير بها البلد مو معقول.. العزا والشحار يقطع هالمسؤولين.. هلق موعيب الحكومة تفتح معمل للدخان الأجنبي وما تعرف تفتح معمل علف لخرفان ودجاجات هاالشعب المعتّر.. ساعة مقطوع المازوت.. ساعة مقطوع الغاز.. ساعة مقطوع العلف.. شو صاير بهالبلد حتى كيلو التبن صار بـ /14/ ل.س؟ والله حرام! انخربت بيوت العالم؟!
قلت لها: يا عمتي الحياة تتغير والأسعار لا يمكن أن تبقى في محلها؟!..
فانزعجت عمتي وقالت: هلق يا مثقف يا فهمان، إذا كيلو التبن بـ /14/ ل.س، منكون عم نتطور والا عم نتراجع؟.. فهمتني؟!...
وعندها شعرت بالضربة القاضية فسكتُّ مستسلماً..
وتابعت عمتي كلامها بغضب: والله كل هل الغلا والأسعار بكوم، وفتح هادا اللي اسمه الدردري لمعمل الدخان الأجنبي بكوم... هللق كل شيء في عنا دخان حمرا طويلة وقصيرة وشام وشرق ومعسل أركيلة وضراب السخن ما بيكفّوا؟ ما عنا بهالبلد مشكلة غير الدخان الأجنبي.. مو على أساس نحن جماعة وطنيون! الله يرحم المثل يللي قال: «يللي استحوا ماتوا»؟!