مفاضلة التعليم المفتوح.. الكارثة التعليمية مستمرة

يعود التعليم المفتوح إلى الواجهة بكل ما يحمله من متناقضات ومناقشات وتأملات، مجدداً الحوار حول الفلسفة التي يتبناها، والمنهجية التي يتبعها، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، واضعاً آلاف الراغبين والمتحمسين والدارسين في هذا التعليم بين جدل التحليل والتسويف والتكهن.

يحمل كل عام دراسي للطلبة السوريين القادمين الى الجامعات السورية، شروطاً وقوانين تختلف من عام لآخر، وسيلاً من العقبات والعراقيل تبدأ بمفاضلة التعليم النظامي، وتتفاقم مع الموازي، والمفتوح، وهذه المعاناة مستمرة عند التسجيل، وتأمين الكتب، والمحاضرات، والامتحانات، وصدور نتائج المواد، وتصفح طلبات الاعتراض.

ولقد جاءت المفاضلة الثانية للتعليم المفتوح هذا العام استثنائية بمعدلاتها، لأنها وللأسف الشديد اندمجت من حيث لا تدري بفضل قرارات القائمين على تنفيذها، بكل سلبيات التعليم العالي في سورية، وجسدت خلال تجربتها نسف الحلم الجامعي «فخر الصناعة السورية»، متجاوزة فكرة التعليم المفتوح القائم على إعطاء الفرصة لمن فاتهم قطار التعليم الجامعي، وزيادة معارفهم ومدركاتهم، حسب النظام الداخلي للتعليم. كما أنها بدأت بتقليص الفرص أمام الراغبين، بتحديدها ثلاث سنوات ماضية فقط للسماح للطلاب بالتسجيل، ثم تبعتها فكرة 50 بالمائة من المجموع العام، لتليها المفاضلة الفعلية بكل ملحقاتها وسيئاتها.

فالنتائج كانت على الشكل التالي: أدبي /شهادة حديثة/ الإعلام 162، الترجمة 35، رياض الأطفال 163، دراسات قانونية 163، العلوم السياسية 161. /شهادة قديمة/ الإعلام 151، الترجمة 30، رياض الأطفال 154، دراسات قانونية 152، العلوم السياسية 151.

العلمي: / شهادة حديثة/ الإعلام 125، الترجمة 24، المحاسبة 128، رياض الأطفال 125، دراسات قانونية 128، العلوم السياسية 126. /شهادة قديمة/ الإعلام 186، الترجمة 27، المحاسبة 169، رياض الأطفال 167، دراسات قانونية 171، العلوم السياسية 183.

وتتميز النتائج الحالية بعدد من المفارقات، أولها: ارتفاع معدلات القبول بالنسبة للفرع الأدبي، إذا ماقيست بعلامات الفرع العلمي، متوضحة بشكل جلي في الشهادات الحديثة بفارق 30_40 درجة زيادة عن الفرع العلمي، الأمر الذي يفرغ ما قالته د. فاتنة الشعال معاونة وزير التعليم العالي من مضمونه، فهي اعتبرت أن المقاعد ستوزع 70 بالمائة للفرع الأدبي، الذي ظلم في المفاضلة العامة، مقابل30 بالمائة للفرع العلمي، وبغض النظر عن ذلك فإن طلاب الفرع الأدبي عانوا خلال المفاضلتين من إجحاف وانتقاص من حقوقهم.

تقوم فلسفة التعليم المفتوح أساساً على إتاحة الفرصة أمام الراغبين الذين فاتهم المجال للدخول إلى الجامعات، ولكن النتائج أتت العام الحالي عكس هذه القاعدة وهذا المرتكز، لتتخطى كل التوقعات التي رجحت كفة القدامى أصحاب الشهادات السابقة على الشهادات الحديثة، الذين يعتبرون بمنظور المنطق المستفيد الأكبر المفترض من هذا التعليم. ليكون الفارق شاسعاً بين الشهادتين القديمة والجديدة يصل إلى 60 علامة لصالح أصحاب الشهادات الحديثة.

والسؤال الأهم: لماذا قررت إدارة التعليم المفتوح المناصفة بين الشهادتين القديمة والحديثة مسبقاً قبل بدء التسجيل على المفاضلة؟ ولما استمرت بهذه المعادلة رغم درايتها الكاملة بتدني عدد المتقدمين وعلامات أصحاب الشهادات الحديثة؟؟!!