الرفيق د. خالد حدادة الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني: من الدفاع إلى الهجوم

يجب الانتهاء من مرحلة الانطواء الذاتي والبدء بالهجوم مهما كانت بلاغتنا لن تستطيع وصف صمود أبطال غزة، أطفالها ونسائها، رجالها ومقاوميها... فهم الصمود، ولن يستطيع أحد وصف صمودهم، فالصمود اليوم أصبح يوصف كما وصفت 2006 باسم أبطال المقاومة اللبنانية، فاليوم عندما نقول أبطال غزة نعني أبطال الصمود والصمود هو لأبطال غزة.

لم نأت لنقول إن غزة ستنتصر، فنحن كحزب شيوعي لبناني، اعتبرنا أن غزة انتصرت منذ الأسبوع الأول للعدوان، نحن اليوم أمام ضرورة البدء كيسار عربي وعالمي بدراسة بعض الاستنتاجات عن معركة غزة المنتصرة، عن غزة الصامدة، عن فلسطين المستمرة بآلامها وصمودها منذ نكبة زعامات العرب الأولى، إلى نكبة مبارك- عبد الله اليوم.

الاستنتاج الأول: إن المعركة لا تستهدف غزة كما لا تستهدف فصيلاً بعينه في غزة، ويجب ألا نغرق بما أراده العدو لنا من تصوير المعركة وكأنها ضد فصيل بعينه، مهما كانت أهمية تضحيات وبطولات هذا الفصيل أو ذلك، وآخرها الشهيد البطل القائد سعيد صيام.

إن المطلوب من هذه المعركة إنهاء القضية الفلسطينية، وفصل غزة عن الضفة وإيجاد دويلتين مسخين، واحدة في مصر والأخرى في الأردن، وإنهاء القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص حقه في العودة. لذلك فالمطلوب اليوم هو وحدة الفلسطينيين، وحدة قوى المقاومة الفلسطينية على أساس برنامج للمقاومة يلفظ جانباً أوهام السلطة أو السلطات، ليستعيد برنامج المقاومة الشعبية السياسية والعسكرية دوره في إطار وحدة منظمة التحرير الفلسطينية وعودتها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب العربي الفلسطيني بعد تطويرها.

الاستنتاج الثاني من هذه المعركة موجه إلى العرب جميعاً بأنه من العراق إلى لبنان إلى فلسطين أثبت تاريخ المواجهات مع العدو الصهيوني بأن المقاومة الشعبية هي الأساس في الانتصار. لقد استطاعت إسرائيل عدة مرات هزيمة الجيوش العربية ولكنها حتى الآن لم تستطع مرة واحدة هزيمة الشعب العربي، سواءً في لبنان أو فلسطين. ولذلك فلتكن دعوة اليسار لإطلاق طاقات الشعوب العربية في جميع الدول العربية وإطلاق قدراتها وإمكانياتها.

الاستنتاج الثالث موجه إلى قوى اليسار، لقد حان الوقت لنقول إن أرضية عودتنا للهجوم والانتهاء من مرحلة الانطواء الذاتي والدفاع قد بدأت، فالمتضامنون مع فلسطين اليوم في كل أنحاء العالم، من هوغو تشافيز إلى موراليس إلى راؤول كاسترو، إلى كل اليسار الأوروبي.. اليسار هو الذي يقف مع قضية الشعب الفلسطيني، ويجب أن نستنتج أنه لا انفصام ما بين القضيتين، القضية الوطنية والاجتماعية، فقراء العالم معنا وأغنياء العالم ومستثمروه ومستغلوه هم ضدنا ويدعمون العدو الصهيوني.

الاستنتاج الرابع، هو استنتاج أولي بحاجة إلى التدقيق، إن بعض الدعوات التي تحاول إيجاد تناقض، وهي من كل الاتجاهات سواء من اليسار أو من القوى الدينية، تحاول إيجاد تناقض ما بين العلمانية والدين، ما بين المتدينين واليساريين والتقدميين، إن هذه المحاولات تهدف إلى ضرب قضايا شعوب أمتنا وضرب القضية الفلسطينية بشكل رئيسي. لذلك نتوجه للبعض ممن نحترمهم من القادة الذين أشاروا بالأمس، وكأن المعركة هي ما بين الإسلام والعلمانية: إن هذه الشعارات تخدم العدو ولا تخدم القضية والصمود، إن القوى التي تذبح أطفال غزة ومن ذبح أطفال جنوب لبنان هي قوى أصولية دينية وصهيونية، وليست قوى علمانية.

يجب أن نعي كقوة مقاومة متعددة الانتماءات الفكرية: أن في خلافنا خدمة للعدو، وأن في وحدتنا مع الحفاظ على التنوع فيها انتصاراً لقضيتنا وقضية شعوبنا؛ وأنه على هذه القاعدة يمكن لليسار العربي أن يستعيد موقعه وهجومه المتميز الواضح أمامه؛ التصاق القضية الوطنية بقضية الديمقراطية والتغيير السياسي؛ وبقضية العدالة الاجتماعية؛ والتنمية باتجاه الاشتراكية؛ ولذلك نقول: إن وحدة اليسار أصبحت مطلباً ليس لليساريين فقط، إنها حق على اليساريين وواجب عليهم وحق للوطن ومطلب للجماهير الشعبية من أجل وحدة اليسار- وهنا أؤيد الأصوات التي دعت اليوم كمقدمة إلى وحدة الشيوعيين السوريين على قاعدة برنامج شعبي اقتصادي اجتماعي- عليهم تحقيق وحدة الشيوعيين واليساريين العرب- وأخص بالذكر اليسار الفلسطيني واليسار التقدمي الوطني الفلسطيني- على قاعدة برنامج مقاوم.. ومن هنا نؤكد أن تجربة المقاومة الوطنية اللبنانية التي أطلقت فعل المقاومة منذ الستينيات واستمرت وانطلقت مجدداً مع الشهيد جورج حاوي سنة 1982، هي مقاومة تعتقد ولا ترى أبداً أنها تتناقض مع أشكال المقاومة كما هي اليوم، بل هي أساس واستكمال وتكامل مع المقاومة الإسلامية.

أخيراً أقول لك شكراً غزة ولا نتضامن معك، شكراً لأن دماء أطفالك وعيونهم وقلوبهم ودموع أمهاتهم حفظت قضيتنا، انتصرت لقضيتنا، ولأنها ستكون القنبلة التي ستنفجر وتغير العالم العربي.

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 00:36