الإرهاب يضرب القامشلي خسائر في الارواح والممتلكات وتكاتف شعبي
تعرضت مدينة القامشلي يوم الأربعاء الماضي 27 تموز لتفجيرين ارهابيين تبناهما تنظيم داعش الإرهابي الفاشي, أسفرا عن سقوط أكثر من خمسين شهيداً و ما يقارب مائتي جريح, حسب الأرقام المعلنة في العديد من وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، فيما لا يزال البحث مستمراً عن المفقودين تحت الأنقاض وبين الركام.
داعش تتبنى
يعتبر العمل الأخير الذي ضرب الحي الغربي، وفي منطقة ذات كثافة سكانية مرتفعة، هو الأكبر من نوعه في المدينة، من حيث حجم الدمار الهائل الذي خلفه، حيث كان هذا التفجير على أحد الشوارع الرئيسية من شوارع المدينة، وتتمركز على جانبيه بيوت سكنية، وعشرات المحلات التجارية، مما زاد من حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، وأفادت بعض المصادر الإعلامية أن تنظيم داعش الإرهابي الذي تبنى العملية، استخدم في عمليته سيارة شاحنة يقودها انتحاري محملة بكميات كبيرة من المواد المتفجرة، فيما شهدت قائمة الشهداء ورود أسماء ستة أطفال وعشرة نساء، بينهم مهجرين من محافظات أخرى، والعديد من الكفاءات العلمية والمهنية، في حين ما زال البحث جارياً حتى ساعة إعداد هذا التقرير عن ستة من المفقودين الذين ما زالوا تحت الركام.
تفجيرات سابقة
اعتبرت مدينة القامشلي من المناطق الهادئة نسبياً في البلاد، خلال السنوات الاولى من الأزمة، حيث لم تشهد مواجهات عسكرية واسعة، إلا في حالة واحدة حدثت قبل أشهر، تمكنت القوى الحية في المجتمع، وبمساعدة قوى دولية حليفة، في حينه من إخمادها و إيقافها، ولكن المدينة كانت شهدت تفجيرات إرهابية، في عدد من الأحياء مثل «الحارة الوسطى» لمرات عديدة، ففي بداية العام الحالي تعرض هذا الحي لتفجير راح ضحيته 16 شهيدا وأكثر من 60 جريح وخلف ورائه خسائر مادية كبيرة، وأعمال إرهابية أخرى في شارع الخليج وغيره..
وعي شعبي
أظهر أبناء المدينة خلال مختلف هذه التوترات، بما فيه بعد العمل الإرهابي الأخير، حساً إنسانياً عالياً، ومستوى متقدماً من الوعي الوطني، الأمر الذي تجلى في تكاتف الأهالي من خلال عمليات الإنقاذ، وحملات التبرع بالدم الذي شارك بها مختلف سكان المدينة، حيث هرع السكان بعد سماع دوي التفجيرين للمشاركة بعمليات إزالة الركام وإنقاذ الضحايا وانتشال الشهداء وإسعاف الجرحى، وما زالت هذه الجهود حتى الآن قائمة بالاستعانة بالآليات الضرورية التي تعمل ليل نهار على إزالة الأنقاض، في حين يقوم البعض الآخر بالإصلاحات الأولية للبيوت التي تضررت جزئيا رغم بعدها نسبياً عن مكان التفجيرين لكن ذلك لم يشفع لها حيث انهارت النوافذ الزجاجية بالمنطقة المحيطة على مسافة كم من مكان التفجير، وأدت الشظايا المتناثرة لإيقاع اصابات عديدة في صفوف سكانها وخاصة الأطفال.
ألم وغصة وأمل
تحدث الكثيرون من الأهالي هناك لوسائل إعلام مختلفة عن صعوبة المواقف التي تعرضوا لها أثناء القيام بأعمال الإغاثة والإنقاذ، وعن مشاهداتهم لهول المصاب وحجم الدمار، ولم تكن دموعهم المختلطة بمشاعر الغضب والأمل، إلا دليلاً على قساوة الحدث وبشاعة المشهد تتلعثم إحدى النساء وهي تتحدث عن عائلات بأكملها قتلها التفجير، وتضيف بغصة صوتها، بأنها لم تخسر أحداً من عائلتها، ولكن أبناء القامشلي كلها عائلتها، وبأن لها في كل حارة وحي أخت وأولاد وكل مصاب يصيبهم يصيبني.
ما بعد التفجير
يقول أحدهم «إذا وقعت واقعة كبرى، لا تضحك، لا تبك، بل فكّر»، إن ما حدث في مدينة القامشلي، وما حصل ويحصل في الكثير من مناطق البلاد، يستدعي أول ما يستدعي السعي لإيقاف نزيف الدم السوري، والابتعاد عن التشنجات وردود الأفعال، ويتطلب قطع الطريق على محاولات الاصطياد في الماء العكر، أو محاولات تعكير المياه للاصطياد فيها، وتجنب القراءات التبسيطية والسريعة للحدث، أو محاولات توظيف مثل هذه الأجواء لغايات حزبية، أو فئوية، وفي العموم فإن الرّد المطلوب والحقيقي والثأر لهؤلاء الضحايا، يتطلب غذ السير باتجاه الحل السياسي للازمة السورية، وإيقاف الكارثة الإنسانية.