مقدمات لتقنين طويل.. أم لرفع التسعيرة؟

أشار وزير الكهرباء إلى أن الاستهلاك غير المنتج في سورية (المنزلي والإنارة العامة والدوائر الرسمية) شكل نحو 55 % من استهلاك الطاقة، في حين بلغ الاستهلاك الصناعي نحو 31%، والتجاري نحو 8 % ، والزراعي نحو 6%، مضيفاً أن مبدأ الشرائح في الفواتير ساهم في تخفيض الاستهلاك, وخاصة المنزلي.

إن هذا التصريح يؤكد بشكل واضح التحامل الحكومي على الاستهلاك المنزلي، وكأنه هو الشعرة التي كسرت ظهر البعير، ويتجسد ذلك بشكل أوضح من خلال وضع الاستهلاك المنزلي والإنارة العامة والدوائر الرسمية ضمن شريحة وسوية واحدة، لتكون نسبة استهلاكه الأكبر بين القطاعات المختلفة، في حين يبقى الاستهلاك الصناعي بالمرتبة الثانية بعيداً عن دائرة النقاش، علماً أن الفاتورة الشهرية لأحد مصانع اللاذقية مثلاً بلغت 2،5 مليون ل.س، أي أن هذه الفاتورة تقابل استهلاك نحو 10 آلاف أسرة سورية، كما أن هناك مصانع تستهلك كهرباء بحدود 10 ملايين ليرة سورية، فكم سيكون استهلاك منطقة صناعية كاملة كمدينة حسياء مثلاً؟؟ فما مبرر الهجوم الذي يُشن على المواطن واستهلاكه المنزلي.. هل الغاية تهيئة الناس لتقنين طويل قادم يشابه ما ساد خلال فترات طويلة في بلادنا، أم هو مقدمة لرفع التسعيرة؟

إن مبدأ الشرائح قد يساهم في خفض الاستهلاك، ولكن ليس المنزلي بكل تأكيد، لأن بيوت ذوي الدخل المحدود وهم غالبية الشعب السوري، لن يزيد استهلاكها عن 2000 ك.و.س، وإذا ما زاد استهلاكها عن هذا الرقم في فترات محددة، فيجب أن تٌسأل الحكومة عندها عن الإجراءات التي اتخذتها لتجبر المواطنين على رفع استهلاكهم، علماً أن 1 بالمئة فقط من إجمالي عدد المشتركين المنزليين في سورية يزيد استهلاكهم عن 2000 ك.و.س، وهذا يناقض تصريحات الوزير ذاته، الذي اعتبر أن الوزارة رفعت تعرفة الكهرباء للشرائح العالية ووسعت الشريحة الدنيا المستفيدة من الدعم الحكومي للكهرباء بقدر أكبر، وبالتالي فإن تأثير الانخفاض سيظهر بشكل طبيعي على الشرائح التي تم استهدافها، لا على سواها.

وهنا لابد من طرح عدد من الأسئلة المشروعة: كيف انخفض استهلاك الطاقة الكهربائية بسبب التسعيرة الجديدة، في الوقت الذي يستمر فيه التقنين وانقطاع التيار الكهربائي؟!

ثم ألا يمكن الترشيد إلا من خلال رفع أسعاره المحلية لمستوى الأسعار العالمية؟ وهل أوقف تحرير المازوت ورفع أسعاره لمستوى الأسعار العالمية تهريبه إلى الدول المجاورة؟؟ ولماذا لا نعالج قضية التهرب الكهربائي الموازي بتجاوزه التهرب الضريبي بديلاً من رفع الأسعار؟ وماذا عن الفاقد الكهربائي الكبير البالغ 25 % في سورية.. وهو ضعف المعايير العالمية؟!

إذا كانت الحكومة ووزارة الكهرباء حريصتين على الطاقة، لماذا لا يقرران بناء منازل موفرة للطاقة (منزل سلبي) التي تنتشر بكثرة في بلدان أخرى لا ترى الشمس إلا في المناسبات، وعندها لا يشعر المواطن السوري بقلق كبير إزاء قيمة فاتورة الكهرباء، أو تشعر الحكومة بأنه ثقل كبير عليها؟؟.

آخر تعديل على الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016 23:08