الصحة إذ تصبح تحت التهديد..
تزامناً مع تراجع خدمات المستشفيات العامة والنقص الشديد بتجهيزاتها الطبية، ومع التدهور الملحوظ في القطاع الصحي خاصة وأن 117 مستشفى عاماً تخدم 23 مليون مواطن سوري، وبعد معرفة الناس أن نصيب الفرد السنوي من الرعاية الصحية لن يتجاوز 113 ل.س فقط لا غير... يأتي قرار وزير الصحة برفع أجور المعاينة للأطباء بمقدار 100% صفعة إضافية يتلقاها المواطنون، وهم العاجز معظمهم عن تناول تفاحة يبعدون عنهم من خلال فيتاميناتها شر الأمراض وأصحابها من شركات الأدوية وواصفي منتجاتها
ليلجأ المرضى إلى العلاج من أمراضهم بالرقية والتعاويذ أو إلى ما حفظته الجدات من وصفات شعبية، ومن كتابات وطلاسم أو صب الرصاص في أواني الفخار لتحديد من أصاب الأطفال بعينه الحسود..
فعندما ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات قياسية وراحت تجاور نجوم السماء بتأثير الدفع الصاروخي للسياسة الحكومية (الراعية) والداعمة للثروة الحيوانية والعاملين في هذا المجال، وكنتيجة لتلك السياسة الحكيمة والمحكمة التدبير أصاب القطاع الزراعي وتربية الماشية ما أصابه من تراجع ليدفع المواطن ثمن ذلك من حرمان وعوز غذائي، حينها دعت بعض الجهات إلى مقاطعة اللحوم كردة فعل طفولية لتخفيض أسعارها، واليوم مع قرار وزير صحتنا المعتلة بالملوثات الكيماوية ومياه الصرف الصحي التي عرفت طريقها إلينا عبر الخضراوات ومياه الصحة الغائبة عنا غياب المهاجر, وبعد الفيتو الخجول والمتأخر والناقص من رئاسة الوزراء، ترى من هي الجهة التي ستتصدى لمعالجة الأمر وتقدم مبادرتها لتقينا من الأطباء وتعرفتهم التي أصبحت قابلة للارتفاع الشديد؟ من سيتضامن مع صحتنا ويرشدنا إلى طريق العافية؟ وهل ستنفع أية مبادرة وإرشاد بعدما فقد المواطن المسحوق معظم خطوط دفاعه المحصنة لصحته؟
يسود الاعتقاد العاطفي بين المواطنين أن التعرفة كانت ستنخفض بالإكراه أصلاً، لأن غالبية الأطباء على معرفة تامة بوضع المواطن الذي بالكاد يستطيع البقاء على قيد الحياة بفعل ظروف الحياة الصعبة، خصوصاً بعد أن تخلت الدولة عن المواطن ليصبح عرضة لتقلبات السوق كونه غدا سلعة رخيصة في سوق كاسد..
إن قرار وزير الصحة الطامح إلى زيادة أجور معاينة الأطباء 100% قد تم كبحه مؤقتاً لكي لا تنتج عنه نكبة وطنية، كونه لا يتماشى مع الحالة الاقتصادية المتردية ودخول معظم المواطنين السوريين الضعيفة جداً، وكون دخل الطبيب السوري ما يزال يعتبر من أحسن الدخول بين شرائح المجتمع, ولكن من الذي سيقف في وجه الموجة التالية إذا ما هاجت بين لحظة وأخرى؟؟