لقطة من سورية

 يفضح رمضانُ في بلادنا ما لا يقوى عليه غيره من الشهور.. يظهر إلى أي درك وصل الانهيار الأخلاقي لدى شرائح مختلفة من الناس..

 

 التاجر الذي اعتاد الكذب والخداع والغش، لا يحرجه رمضان، يصوم.. أو ربما يدعي ذلك، ويكذب ويغش ويخدع كما عوّد نفسه.. ويحلف أغلظ الأيمان.. على رأسها: «وحياة هالشهر الفضيل» أنه يقول الصدق ولا شيء غيره.. وتثبت كذب يمينه سريعاً البطيخة البيضاء، والآلة التي لا تلبث أن تخرب، والثوب الذي سرعان ما يكشّ أو يحل لونه...إلخ..

رجل السلطة التنفيذية الواقف في الشارع، يصوم.. أو ربما يدعي ذلك، ولا يستحي أن يأخذ على سبيل «الهدية» أو «الزكاة» القسرية، إكرامية محرزة من المواطن الذي على الغالب لم يرتكب خطأ أو يخالف القانون..

الجار الذي اعتاد أن يلقي القمامة أمام بيتك، يقسم بفضائل الشهر الفضيل أنه لم يقم بذلك هذه المرة.. ويعزز كلامه بادعاء الصيام، رغم أنك رأيته بأم عينك وهو يلقي «كيس الزبالة» بخفة لص..

الموظف الذي ما زالت معاملتك مستعصية في درجه منذ أسابيع، يقسم ويحلف ويغلظ الأيمان أنه لا يعيقها، وهو يتأفف من شدة عطشه وجوعه و«خرمه» على سيجارة، وبعد قليل يفضحه آخر لغاية في نفس يعقوب، أن المعاملة ما تزال مستقرة في الدرج ذاته، وأنها لن تخرج قبل أن يدفع المعلوم.. ورمضان كريم..

منذ سنين عديدة لم يعد رمضان.. ولا محرم.. ولا ذو الحجة، ولا شباط اللباط له أي اعتبار.. والقيم التي تتفاخر بها مسلسلاتنا الفلكلورية أصبحت في خبر كان..

اللهم إني صائم..

 

آخر تعديل على الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016 12:43