قدسيا إعادة تشديد الحصار

لم تلبث قافلة المساعدات أن وصلت للمدينة الصغيرة المحاصرة خلال الأسبوع المنصرم، حتى وقعت كما العادة بأيدي المستفيدين من تجار أزمة وسماسرة من حملة السلاح وأتباعهم وأنصارهم ليتحكموا بها بيعاً وتوزيعاً حسب رغباتهم ولمصلحتهم، بعيداً عن مصلحة الأهالي وحاجاتهم، على الرغم من عدم كفايتها أصلاً لهذه الاحتياجات، ومع ذلك كانت بالنسبة للأهالي بادرة باتجاه مسعى ما لفك الحصار عنهم، مستبشرين خيراً بها، عسى ولعل أن ينتهي هذا الكابوس الجاثم على قلوبهم، والمتمثل بالحصار والمستفيدين منه على طرفي أزمتهم ومحنتهم، ولكن لم تكد فرحتهم تصل لمفرق رأسهم، حتى تم افتعال حادث أمني جديد تسبب بإعادة التموضعات والاشتباكات، والتي أعيد بناءً عليها التشدد بإجراءات الحصار المجحف بحقهم من جديد.

أهالي قدسيا يقولون أن عدد المسلحين يعتبر ضئيلاً، ومع ذلك فهؤلاء يفرضون سطوتهم على الأهالي، وخاصة على مستوى الخدمات وتوفر المواد والتحكم بها كما التحكم بالأسعار، كما أن واقعهم يزداد بؤساً من خلال منعهم من إدخال الأغذية والمواد الأساسية الأخرى، كما منعهم من الدخول والخروج، ما يجعلهم فريسة دائمة لجشع القائمين على طرفي الصراع، فكل منهم يفرض على الأهالي شكلاً من الإذلال والاستجداء، مستفيدين من واقع الحصار المفروض عليهم.

الأهالي لم يعودوا مستغربين من هذا الواقع المفروض عليهم، بل أنهم باتوا يتهكمون بين بعضهم على هذا الواقع، كما يتهكمون على الإجراءات المتخذة بحقهم، وقد باتوا مدركين ومقتنعين بشكل قاطع أن البعض من المستفيدين من أزمتهم لن يفسحوا المجال أمام استكمال أية بادرة باتجاه إنهاء أزمتهم المعاشة، وكل من هؤلاء يسعى لإفشال تلك المساعي حسب أهوائه، وبما يتناسب مع مشغليه وداعميه من القوى الفاعلة بالأزمة العامة محلياً وإقليميا ودولياً، على حساب الأهالي وأمنهم واستقرارهم، ويتساءلون إلى متى سيبقون رهينة وضحايا لهؤلاء المنفلتين في طرفي الصراع؟.