بشرى لسكان جرمانا: قضية النفايات مستمرة.. و«هروب» المتعهد جزء من المشكلة
مشكلة تراكم القمامة الأخيرة في جرمانا، ألقت الضوء على مشاكل عدة تعاني منها أغلب المحافظات السورية بهذا الصدد، ناجمة عن ترهل الجهات الرسمية في أداء المهام، رغم مرور 6 سنوات على الحرب واستمرار المشاكل الخدمية ذاتها دون حل.
مع كل فصل صيف، تقفز إلى الواجهة قضية القمامة في مدينة جرمانا بريف دمشق، ففي العام الماضي كأقرب مثال، كانت هناك شكاوى عدة من تراكم القمامة وانتشار الحشرات والكلاب الشاردة والقوارض إثر إهمال ترحيل النفايات، وكانت المبررات حينها التي تذرعت بها دائرة النظافة والنفايات بريف دمشق، هي لجوء السكان إلى تجميع القمامة في غير مكانها خارج الحاويات عدا عن رميها بغير الموعد المحدد، إضافة إلى الضغط السكاني إثر موجة النزوح، وقدم الآليات، وكان السبب المباشر حينها بحسب المديرية، إغلاق الطريق المؤدي إلى مكب الغزلانية لفترة وجيزة.
قرار حكومي خلق الأزمة
القضية عادت من جديد مؤخراً كما كل عام، وقد تشير الأسباب التي تحتج بها بلدية جرمانا، إلى أن قضية النفايات في هذه المدينة مستحيلة الحل، فعدا عن المصادر التي أكدت لـ «قاسيون» انسحاب المتعهد الذي يقوم بترحيل النفايات من حوالي 40% من المدينة، قبل انتهاء عقده نتيجة الخسائر التي بات يتحملها إثر ارتفاع أسعار المحروقات وخاصة مع بعد مسافة ترحيل القمامة. كانت هناك عدة عوامل مهمة أكثر، غير طارئة لكنها تفاقم المشكلة وتعطيها طابع الاستمرارية دون حل.
المتعهد يغطي حوالي 40% من جرمانا وفقاً لتصريحات البلدية، والـ 60% المتبقية تديرها البلدية ذاتها، التي نفت «هروب» المتعهد قبل انتهاء عقده، مشيرةً إلى أن العقد انتهى قبل عيد الفطر، لكن المستثمر رفض الاستمرار بالعمل، رغم تقديم عرض جديد له، والسبب كان قرار الحكومة الأخير برفع أسعار المحروقات، مارتب عليه خسائر عدة، وباتت العروض غير مناسبة له.
يتم ترحيل قمامة جرمانا حالياً إلى مكب نجها، وتحتاج الآليات حوالي ساعتين لجمع القمامة من المدينة، وحوالي 3 ساعات كرحلة ذهاب وإياب إلى نجها، ما يعني أن الألية الواحدة غير قادرة نهائياً على ترحيل القمامة أكثر من مرة في اليوم، بحسب حديث برجس حيدر رئيس بلدية جرمانا لوسائل إعلامية، وهذه المشكلة ستبقى مستمرة إن تم إبرام عقد جديد مع مستثمر جديد أم لم يبرم.
النقص: 1300 عامل
و141 ضاغطة!
وأيضاً، لا يتعدى عدد عمال النظافة بين عمال بلدية وعمال قطاع خاص الـ 200 عامل فقط بحسب حيدر، الذي أكد أن كل ألف شخص بحاجة لعامل نظافة، ووفقاً للإحصائيات غير الرسمية لعدد السكان والتي قالت إن حركة النزوح المستمرة إلى المدينة رفعت عدد السكان إلى مليون ونصف نسمة، تكون جرمانا بحاجة 1500 عامل لتخديمها بالشكل المثالي، أي أنه هناك نقص بعدد عمال النظافة حوالي 1300 عامل، ما يعني أن المشكلة مستمرة باستمرار حركة النزوح.
وبحسب رئيس البلدية أيضاً، كل 10 آلاف نسمة بحاجة ضاغطة قمامة واحدة، ما يعني أن المدينة بحاجة 150 ضاغطة على الأقل، بينما لا تملك البلدية سوى 9 ضاغطات عمرها يتجاوز الـ 25 عاماً، وهي بحالة فنية غير جيدة وتخضع للصيانة الدورية، ما يعني خروج متكرر عن الخدمة.
150 حاوية لـ 500 طن قمامة
ووفقاً لتصريحات رئيس دائرة النظافة والنفايات الصلبة بريف دمشق العام الماضي، يوجد في جرمانا 150 حاوية قمامة فقط، وهي غير كافية لتخديم المدينة كلها وخاصة مع وجود حوالي 500 طن من النفايات يومياً، ما دفع المواطنين لتخصيص أماكن لرمي القمامة في تجمعات عشوائية قد يتأخر ترحيلها.
ما سبق كله ، يجعل من حل مشكلة القمامة في مدينة جرمانا أمر مستحيل التحقق على الأقل ضمن المنظور القريب، وذلك رغم تأكيد البلدية أن عرضاً سعرياً جديداً سيصدر من قبل محافظة ريف دمشق، وعلى أساسه سيمنح متعهد جديد حق العمل بدل المتعهد «الهارب» إن صح التعبير، لكن تبقى الأمور الأهم والتي تعطي أزمة القمامة طابع الاستمرارية، معلقة دون معالجة لأسباب غير معروفة، ربما أهمها إهمال القطاع العام وعدم رفده بحاجاته مقابل تشجيع القطاع الخاص، ويبقى التساؤل: أين ذهبت ميزانية محافظة ريف دمشق خلال 6 سنوات مضت؟