مأساة جديدة لفلاحي الرقة..
الفلاح يزرعُ ليس فقط ليعمل ويشعر أنه موجود، بل ليأكل ولتعيش أسرته وحيواناته، وليطعم الآخرين من أبناء الوطن، ورغم كُلّ المصائب التي تنهال عليه من الحكومة، ومن الأحوال الجوية أيضاً وحتى لو لم يُحقق نتائج جيدة، مازال متمسكا ًًبالقليل الذي يسد له الرمق الأخير فليس لديه مصدر آخر..
ولكن الليبراليين والفاسدين لا يريدون أن يتركوه وشأنه، وفلاحو الرقة شأنهم شأن فلاحي هذا الوطن، أقدموا هذا العام على زراعة الذرة الصفراء بمحصول تكثيفي بعد القمح، وقد اشترى بعضهم البذار المهرب من السوق السوداء بسعر 500 ليرة للكغ الواحد، وزُرعت 70% من أراضي القمح، كما رُوجت الإشاعات أن الحكومة سوف تستلم المحصول وبأسعارٍ عالية، ولكنها فجأة، قررت أنها غير ملزمة باستلامه!!
وهكذا جاء تشرين الثاني ولم تستلم الحكومة المحصول، وتركت الفلاحين في مهب الريح.. مما دفعهم لتجفيف محصولهم في العراء (في الهواء الطلق) لعلهم يستطيعون الاستفادة منه، وكما هو معروف يحتاج المحصول إلى خمسة أيام على الأقل ليجف، لكن الأمطار لم تمهلهم، وأغرقت المحصول، وفقد الفلاحون أملهم في الحصول على ما يمكّنهم من تدبير شؤونهم وتأمين مستلزمات أبنائهم من اللوازم المدرسية واحتياجات العيد..
في العام الماضي جرى استلام المحصول، إلاّ أنّ المجففات كانت قد تعطلت مما أدى إلى تكديس هائل وتلف كبير، بالإضافة لزحمة الاستلام. ولعبت الوساطة والمحسوبية والرشوة والسمسرة دورها في الحصول على كرت التسويق.. ولم يستلم الفلاحون قيمة محصولهم إلاّ بشقّ الأنفس، وبعد مطالبات منهم ومن اتحاد الفلاحين وبمساندة الشرفاء.. وبعد عامٍ تقريباً!؟
ونذكر هنا أيضاً معاناة الفلاحين في عروة الشوندر المبكرة التي جرى تبديلها بنوع آخر وتأخيرها، مما أدى إلى خسارة الفلاح والدولة.
والسؤال الذي يطرحه الفلاحون ونحن معهم:
هل كل ما يجري هو نتيجة أخطاء، أم أنه تخطيط مدروس لتدمير الزراعة وخاصةً في المحاصيل الإستراتيجية، وتحطيم آمال الفلاحين بدلاً من دعم الزراعة مثلما تفعل بقية دول العالم؟ وكوننا بالأصل بلداً زراعياً تاريخياً فهذا يضر بالأمن الغذائي للوطن ككل!؟
والسؤال الآخر: من يقف وراء ذلك؟ ولماذا لا تتم محاسبة أحدٍ، وأولهم الحكومة وطاقمها الاقتصادي!؟.
إن محاسبة المسؤولين عما جرى من سوء تخطيط وإهمال للزراعة، وعن الفساد، وتأمين حقوق الفلاحين وتعويضهم عن خسائرهم.. بات يتطلب موقفاً جدياً وسريعاً وأولها ترحيل القائمين على السياسة الاقتصادية.