فساد في السورية للشبكات مثبت بتقارير التفتيش
الشركة السورية للشبكات إحدى شركات القطاع العام الناجحة منذ تأسيسها، ورغم كل المراحل الصعبة التي مرت بها في الثمانينيات والتسعينيات إلا أن بصماتها واضحة في تنفيذ مشاريع حيوية على مستوى سورية واكتسب عمالها خبرات كبيرة. مجال عملها تنفيذ مشاريع الإنارة وشبكات التوتر العالي والمتوسط وغيرهما. وكانت على مدار السنوات السابقة رابحة رغم المتغيرات والظروف التي مرت بها، لكنها اليوم أصبحت مخسرة وليست خاسرة لأسباب عديدة منها: ترهل إدارتها بسبب الفساد، زيادة الإنفاق الإداري، قِدَم آليات الشركة منذ عام 1980 وعدم السماح بتجديدها، عدم وجود جبهات عمل كافية لتنفيذ الخطط السنوية، كثرة الديون المترتبة على الشركة بسبب إصلاح آليات قديمة وشراء مواد، وعدم تسديد الضرائب وأجور المشافي، خلل في التحصيل المالي لعدم وجود مركز مالي حقيقي، توظيف رأسمال كبير لمشاريع خارجية لم تقطف ثمارها ولا نعرف ما هي، وكثرة القرارات المزاجية بالتكليف بالدوائر والإدارات وعدم المحاسبة.
هذا ما طرحه النقابي بشار شيخ عثمان حول السورية للشبكات أمام القيادة السياسية والنقابية في حمص، وقد طرح النقابي عبد الهادي النجار تفصيلات أكثر فقال: «طالبنا في العام الماضي بتشكيل لجنة لمعالجة أو دراسة ما قدمناه من معلومات أو مشاكل وتجاوزات، وهذا شيء لم يتحقق، بل ازدادت الأمور سوءاً وإدارة الشركة ترى نفسها فوق النقد ولا تسمح لأحد حتى برفع مذكرة موثقة، وقد قامت بنقل رئيس اللجنة من مقر عمله، وطال هذا الإجراء أقاربه من الأصول والفروع، وكانت حجة الإدارة أن هذا الإجراء قانوني وليس له علاقة بمذكرة تم رفعها إلى الجهات الوصائية منذ زمن بعيد، وعندما قام رئيس وأعضاء اللجنة النقابية بتقديم اعتذارهم عن المذكرة عاد كل شيء إلى وضعه السابق. وعندما سألنا: أين تطبيق القوانين؟ قالوا إنهم سألوا أحد المشايخ وأفتى لهم بأنه يجوز في حال كان المدير العام مدعوماً أن تتجاهل القوانين.
أصبحت الشركة خارج نطاق الإشراف أو المراقبة أو المحاسبة من أية جهة، وخاصة بعد أن أصبحت تتبع للسيد وزير الكهرباء مباشرة وليس لوزارة الكهرباء، بعد أن كانت تابعة لوزارة الإسكان والتعمير التي تضم الشركات الإنشائية.
أريد أن اسأل: إن تقارير الجهاز المركزي تلخص وتثبت كل ما أطرحه، ولكن من المسؤول عن الإجابة على ملاحظات التفتيش الذي يرفض منذ سنوات التصديق على الميزانيات حتى يتم استدراك الملاحظات.
في السنة الماضية طالبنا بتشكيل لجنة للتحقيق أو حتى السؤال للفروع الخاسرة لبيان أسباب الخسارة في فروع تتكرر فيها الخسارات منذ سنوات ولا يزال مدراؤها على رأس عملهم إلى الآن، إلا أن الإدارة لا تريد أن تفتح هذا الموضوع.
الفروع تقول إن سبب خساراتها هي نفقات الإدارة العامة التي وصلت إلى 11% والحد الأقصى المسموح به هو 6%، ومع ذلك أقول إن النسبة أكثر من ذلك لأن الإدارة لا تقوم بتسديد التأمينات حيث وصل الرقم إلى 65 مليون ليرة سورية في الإدارة العامة وحدها، عدا عن أن بعض الفروع لا تقوم بتسديد حتى ضريبة الدخل.
أحد مدراء الفروع الخاسرة، وقد كنا نطالب بمحاسبته أو حتى سؤاله عن أسباب النفقات الزائدة، أُعطي حق الكلام في مؤتمر الاتحاد المهني في العام السابق بحضور وزير الكهرباء، تكلم عن إنجازات فرعه وعن المستقبل وأن الأمور جيدة، وقام بعده معاون المدير العام وشرح هو الآخر بأن الأمور جيدة وأنه لا يوجد خسارة، وأن الشركة بصدد أخذ مشاريع نوعية، وتنفيذ الشركة للمشاريع دائماً مميز. والآن مدير الفرع المذكور في السجن مع مجموعة من فرعه منذ ثمانية أشهر بجرم اختلاس أموال عامة وتقديم فواتير وهمية لأعمال لم تتم بملايين الليرات، لقد غفلت الإدارة عنه لفترة وكأنها ليست معنية بهذا الموضوع. والسؤال: أين كانت الإدارة العامة؟ وأين كانت مديرية تتبع المشاريع والتنفيذ؟ وأين كانت الرقابة المالية؟ أضع هذا السؤال برسم الجهات الوصائية..
أشار تقرير التفتيش إلى نفقة الإقامة في فنادق خمسة نجوم لمدراء بمبالغ كبيرة ولم يتم استردادها ولا يحق لهم الإقامة فيها، بينما استردوا من بعض العمال الذين دخلوا ليوم واحد إلى المشفى راتب نصف شهر.
إن على الشركة ديوناً تفوق ما للشركة من ديون خارجية، فهل ننتظر أن يحصل لنا كما حصل مع أفضل شركة صناعية وإنتاجية مرت في القطاع العام، شركة بردى التي دمرتها الإدارات، وسكوت المعنيين من نقابيين وغيرهم، وجلسوا الآن بعد وقوع الفأس بالرأس يتباكون على الشركة وعلى القطاع العام.
ويدّعي رئيس الاتحاد المهني أن ليست هناك أزمة ولا يوجد خلل ولا يوجد فساد وإنما المشكلة والمطلوب تأمين جبهات عمل للسورية للشبكات. وإن ما طرح من الرفاق في النقابة حول واقع الشركة لا أساس له من الصحة.
ومع ذلك فالشركة خاسرة وهناك هدر واختلاس مثبت من خلال تقارير تفتيشية...