مؤشر مستوى المعيشة اليومي في تراجع مستمر.. ارتفاع تكاليف المعيشة اليومية بنسبة 100% رغم ثبات بعض الأسعار

مع أن أجواء الربيع طرقت مواسمنا مبكرة هذا العام، وهو ما يؤدي عادة لانتعاش أسواق الخضار لتنعمها بتوافر المنتجات الزراعية الموسمية، التي من الضروري أن تؤدي وفرتها إلى تراجع أسعارها، حسب قانون العرض والطلب، إلا أن ما يحدث عندنا هو أن قانون العرض والطلب المحكوم بطمع التجار والوسطاء بين المنتج والمستهلك، قد تحول إلى قانون التحكم بالحاجة، وفرض الأسعار الاستغلالية بعيداً عن مراقبة الدوائر التموينية المختصة، وبشكل يتجاوز كل مفاهيم العدل والرأفة والقناعة.

بين عامين

وفي مقارنة رقمية بين أسعار المواد التموينية والاستهلاكية في هذا الوقت من السنة مع ما يقابله من العام الماضي، نجد أن بعض المواد التموينية الطويلة المدى كالبرغل والعدس والفول والحمص وغيرها ما تزال ثابتة على أسعارها التي سجلتها في ربيع العام 2009 بعد أن زادت كثيراً عن أسعارها بالفترة نفسها من العام 2008، وسجلت نسب ارتفاع وصلت إلى 100% في أغلب الأحيان. إلا أن استقرار أسعار هذه المواد، رافَقَهُ هذا الموسم ارتفاع شديد في أسعار المواد الاستهلاكية الآنية، الأمر الذي استنزف من جديد القدرة الشرائية للمواطنين المستنزفة أصلاً، وبات يهدد بأزمات جديدة وأرقام فقر وعوز جديدة. ورغم الانخفاض الذي شهده الشهر الأخير لأسعار لحم الفروج ومشتقاته، عن أسعاره العالية التي سجلها في مطلع العام، والتي بلغت ما بين 35% إلى 100%، فما زالت أسعار هذه المادة تزيد عنها في مثل هذه الفترة من السنة الماضية بمعدل 25% ـ 30%. كما انخفض سعر صحن البيض (30 بيضة) بدوره بحدود 10 ليرات سورية، بعد أن سجل أسعاراً عالية مطلع العام الحالي وصلت إلى 140 ـ 150 ل.س، وهي أسعار تزيد عن الفترة نفسها من العام 2009 بمعدل 35%.

الأزمة الحقيقية تجلت في أسعار المواد الاستهلاكية اليومية ومستلزمات الطبخ من الخضار وأنواع الحشائش الغذائية كالبقدونس والنعنع والفجل والبصل الأخضر والجرجير والخس والسبانخ... إلخ، والتي تعد من مميزات الموسم الربيعي وتتوفر فيه بكثرة، قد سجلت ارتفاعاً في أسعارها وصل إلى 300%، ففي الموسم الماضي كان سعر الجرزة 3.5 ل.س وكل ثلاث بعشر ليرات، والآن يبلغ سعر الجرزة الواحدة 10 ل.س، وفي بعض محال الخضرة والفواكه تباع كل جزرتين بـ25 ل.س.

ومن الدلائل الحقيقية على أزمة الكساد الاقتصادي، وتراجع القوة الشرائية للمواطن السوري، تَسابُق محلات الألبسة والأحذية لطرح بضائعها بحسومات تصل في غالبيتها إلى 50% من سعرها المفترض، أملاً في تسويق البضائع وتحريك السوق، وبنظرة على واجهات المحال في كل أسواق دمشق، ستظهر إعلانات التخفيضات التي تشمل غالبية الأنواع والموديلات من الألبسة والأحذية وليس فقط الشتوية منها، ومع ذلك فهناك أحذية ذات تصنيف جيد وُضِعت أسعارُها بشكل معلن على الواجهات، ووصلت بعد الحسومات كما يلي: سعر الجزمة ذات الساق الطويل تتراوح بين 3600 إلى 4500 ل.س، أي بما يساوي الجزء المتبقي من راتب الشهر، بعد تسديد أقساط المصارف والجمعيات والمؤسسات الاستهلاكية. وسعر الجزمة بنصف ساق يتراوح بين 3100 ـ 3500 ل.س، والأحذية العادية بين 1800 ـ 2700 ل.س. وفي محلات أخرى تعرض الأحذية العادية بمختلف الموديلات بعد الحسم بسعر يتراوح بين 650 ـ 850 ل.س، والجزمة النسائية بين 500 ـ 1100 ل.س. 

جولة ميدانية

خلال جولة لـ«قاسيون» على الأسواق التقت عدداً من المواطنين واستطلعت آراءهم حول ارتفاع الأسعار وأسبابه وآليات إيقافه..

ـ المواطن حسن السعدي قال: «بعض المواد التموينية السنوية ثابتة على أسعارها من السنة الماضية، ولكن بعد ما طارت إلى مستويات قاتلة وتعوَّدنا عليها، ولكن الأزمة الحقيقية والمشكلة التي تتفاقم يومياً، هي أسعار المواد الاستهلاكية الآنية مثل مستلزمات الطبخ ومكمِّلاتها، فأسعارها مرتفعة عن السنة الماضية ثلاثة أضعاف، وبتصوري السبب يكمن في ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج على الفلاحين والمزارعين، وطمع التجار ووسطاء سوق الهال الذين يأكلون البيضة والتقشيرة، فلا المنتج يحصل على ما يعوِّض تعبه، ولا المستهلك يستطيع الحصول على المادة بالسعر المعقول».

ـ المواطن سليمان شحادة قال: «هناك أزمة حقيقية بالبلد، هناك ركود اقتصادي سببه تدني القوة الشرائية للمواطن، الذي سبَّب كساداً، وهذا ما دعا أصحاب المحلات والبقاليات، لطرح أسعار تنافسية، أملاً في تصريف البضائع وتحريك الأسواق، ومع ذلك فواقع المعيشة اليومية ينذر بكارثة حقيقية، لأنني أظن أن حتى هذا الوضع هو لعبة تجار ومحتكرين يطرحون المواد الأساسية بسعر تَعوَّدنا عليه وقَبِلنا به، ويتحكمون فيما بعد بالمواد الاستهلاكية اليومية التكميلية، ويفرضون أسعاراً أكثر من مضاعفة، والرقابة نائمة، وليس هناك من يوقف ظلم التاجر للمستهلك، ويضع حداً للطمع والجشع».

ـ المواطن (اسماعيل. ق)، موظف في هيئة اقتصادية حكومية، قال: «للأسف عندنا قرارات وقوانين لا يوجد مثلها في أية دولة من دول العالم، فالحكومة عندنا تتفنن في فرض الضرائب وتسميتها بأسماء غريبة عجيبة، مثل فرض الضميمة على المواد المستوردة، وخصوصاً الغذائية منها، وهذه الضريبة وحدها تبلغ 22% من قيمة المادة المستوردة، التي تحدد سعرها الجهات التي فرضت الضميمة، وغالباً لا يكون هو السعر الحقيقي، ما يزيد من التكاليف التي ستنعكس على أسعار المواد في السوق الداخلية، التي يساهم في تفاقم أزماتها ثلاث ظواهر خطيرة، أولها طمع التجار والمستوردين مترافقاً مع تعرضهم للابتزاز والمحاصصة، ممن يسيرون لهم أمور دخول البضائع عبر المنافذ الحدودية، والأمر الثاني هو غياب الرقابة التموينية وعدم الجدية في محاربة ارتفاع الأسعار، والأمر الثالث هو قوانين الاستيراد والتصدير التي تخدم قلة قليلة ممن يحتكرون ويختصون باستيراد بعض المواد التموينية الأساسية، كالرز والسكر والزيوت هذه القوانين التي تسمح لبعض الناس بالاستيراد، وتمنع غيرهم، في خطوة لمنع التنافس ومنع توفير المادة بالأسواق، للحفاظ على أسعارها العالية».

ـ المواطن أسعد.ع قال: «إن السبب الرئيسي في الأزمات المعيشية وارتفاع الأسعار، هو رؤوس الفساد الموجودة في كل مفاصل قطاعاتنا الاقتصادية، وهي بعيدة عن الرقابة والمحاسبة، وهي السبب في معاناة المواطن الفقير، وعلى الدولة أن تُخضِع المواد الغذائية الأساسية التي تمثل قوت الناس اليومي، مثل الرز والسكر والزيت والسمن، لسيطرة مؤسسات الدولة فقط، بعيداً عن تحكم التجار ومصاصي دماء الشعب، لمنعهم من الإثراء من عرق الناس، والتحكم بقوتهم ومعيشتهم».

في الجدول يبين أن المواد التموينية التي تشكل حوالي 65% من السلة الغذائية، قد حافظت على أسعارها بين الفترة الحالية ومثيلتها من العام الماضي، بينما المواد الاستهلاكية اليومية والتكميلية التي تشكل النسبة الباقية من السلة الغذائية، والتي تبلغ حوالي 35% منها، والتي لا غنى عنها وتحكُمُها الضرورة الآنية، تزيد عن أسعارها لهذه الفترة بمعدلات تصل بين 35% وحتى 300%. وفي حساب بسيط نجد أن متوسط مؤشر الاستهلاك قد ارتفع بمعدل 100% لهذه الفترة عن مثيلتها في السنة الماضية، الأمر الذي يدحض ادعاءات الحكومة بأرقام النمو الوهمية، والتغني بتحسُّن مستوى المعيشة عند عموم المواطنين، بينما تنهش الأزمات في عمق حياة المواطن، وتهدد أمنه واستقراره، وإحساسه بالانتماء لهذا الوطن الذي تُسرَق خيراته. 

وماذا بعد؟!

هذا ما أوصلتنا إليه الخطة الخمسية العاشرة على صعيد مستوى المعيشة اليومية للمواطن، وهذه نتيجة السياسات الليبرالية التي انتهجتها الحكومة في السنوات الخمس الأخيرة، هجمة شرسة ضد لقمة عيش المواطنين أدت إلى تعميق شدة الفقر واتساع شرائحه، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل لا سابق له، بعد أن رفعت الحكومة الدعم عن المواد الأساسية كالمحروقات والرز، والأسمدة اللازمة للزراعة، والأعلاف اللازمة لتربية المواشي...

فماذا بعد؟!! ماذا بقي للخطة الخمسية المقبلة؟! هل ستنتبه الحكومة إلى المخاطر التي تحيط بوطننا الحبيب سورية، وتهدده من الداخل والخارج؟! هل ستدرك مدى خطورة الأزمة المعيشية على وحدتنا الوطنية الداخلية؟! هذا ما ستبرهنه الأشهر القليلة القادمة التي تفصلنا عن الخطة الخمسية الحادية عشر، التي يجب أن تضمن فعلياً تحسين مستوى المعيشة للمواطنين، ففي ذلك حفظ لكرامة المواطن وسيادة الوطن!! 

وهذا جدول يبين الفرق في أسعار بعض المواد الاستهلاكية في الفترة بين شباط 2008 وآذار 2010 بنسبة عامة مقدارها 67 %: 

المادة

شباط  2008

اذار2010

الفرق بين السعرين

 التغيّر %

الوزن النوعي للمادة

برغل/ كغ

 40

 45

 5

13  %

238

شعيرية/ كغ

 50

 55

 5

10 %

250

رز حر/ كغ

 40

 80

 40

100 %

226

حمص/ كغ

 85

 85

 -  

0 %

24

عدس/ كغ

 70

 80

 10

14 %

24

لحم غنم بعظمة/ كغ

 450

 650

 200

44 %

400

بيض/ صحن

 145

 185

 40

28 %

400

فروج ني/ كغ

 135

 185

 50

37 %

400

زيت زيتون/ كغ

 275

 325

 50

18 %

200

سكر حر/ كغ

 30

 40

 10

33 %

215

حلاوة طحينية/ كغ

 140

 180

 40

29 %

170

حليب بقر/ كغ

 30

 30

 -  

0 %

400

جبنة بيضاء/ كغ

 140

 180

 40

29 %

212

بندورة/ كغ

 35

 35

 -  

0 %

139

بطاطا/ كغ

 30

 35

 5

17 %

250

بصل/ كغ

 20

 25

 5

25 %

150

فاصولياء/ كغ

 80

 80

 -  

0 %

111

كوسا/ كغ

 35

 35

 -  

0 %

112

باذنجان/ كغ

 15

 35

 20

133 %

100

موز/ كغ

 60

 60

 -  

0 %

110

برتقال/ كغ

 50

 50

 -  

0 %

100

 حمراء طويلة

 33

 33

 -  

0 %

259

شاي/ كغ

 300

 300

 -  

0 %

200

بن نوع أول/ كغ

 300

 400

 100

33 %

195

مازوت/ لتر

9

20

 11

122 %

256

كهرباء/ ك.و.س

 350

 350

 -  

0 %

200

صابون

 20

 20

 -  

0 %

144

صابون غسيل/ كغ

 140

 180

 40

29 %

100

 معاينة طبية

 400

 500

 100

25 %

200

أدوية

 50

 60

 10

20 %

150

دفترمدرسي 100

 17

 20

 3

18 %

170

قلم حبر جاف

 10

 15

 5

50 %

100

أجور نقل عام

 20

 25

 5

25 %

381

ألبسة داخلية

 260

 400

 140

54 %

415

قميص رجالي

 600

 600

 -  

0 %

400

روب نسائي

 2,500

 2,500

 -  

0 %

400

أقمشة وطنية/متر

 360

 360

 -  

0 %

95

غاز 3 رؤوس

 2,500

 4,000

 1,500

60 %

119

براد بردى 8قدم

 11,000

 30,000

 19,000

173 %

114

غسالة عادية

 10,000

 16,000

 6,000

60 %

100

أجور سكن 

 10,000

 10,000

 -  

0 %

1771 

 40,824

 68,258

 27,434 

10000 

مجموع    

67 %

معدل الزيادة 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.