نوروز.. عيد الجمال والتجدد والكفاح من أجل الحرية
عيد الربيع، أو عيد النيروز«اليوم الجديد».. تتعدد التسميات والمعنى واحد، وتتعدد الروايات عن الواقعة التي كانت سبباً للاحتفال بهذا اليوم, ولكن ما هو في حكم المؤكد أنه عيد تحتفل به العديد من شعوب الشرق العظيم, تعكس النزوع الفطري لدى الإنسان إلى التجدد والجمال والبحث عن حياة أفضل. أضافت إليها بعض الشعوب وانطلاقا من تجربتها معاني جديدة, فهذا العيد لدى الشعب الكردي يرتبط بالكفاح ضد الظلم ومن أجل الحرية والانعتاق، بعد أن اقترن بأسطورة كاوا الحداد الذي استطاع الإطاحة بالطاغية «ازدهاك» أي «الأفعى الكبيرة»، ولا غرابة أن إشعال النار فوق قمة الجبل كانت إشارة بين الثوار للقضاء على الطاغية، فالنار هنا تعتبر رمز تطهير المجتمع من كل أشكال القهر، ومنذ ذلك الحين أصبح بمثابة عيد قومي للشعب الكردي. باختصار إنّ هذا العيد يعكس تلاقح ثقافات شعوب الشرق العظيم, ونظرة هذه الشعوب إلى الحياة والكون والطبيعة والمجتمع.
يحتفل الأكراد السوريون كل عام في 21 آذار بهذا العيد بالخروج إلى أحضان الطبيعة حيث تنعقد حلقات الرقص الشعبية, وتُشدى الأغاني الفلكلورية, ويمتزج الاحتفال بالعيد بتجدد الطبيعة, فتزدحم عشرات المواقع في البلاد بآلاف مؤلفة من البشر..
وقد حاولت قاسيون تسجيل انطباعات بعض المشاركين في هذه احتفالات هذا العام، وكانت اللقاءات التالية:
المواطن حسين علي، وقد التقيناه في احتفالات قرية «تبكه» يقول:
كان الاحتفال رائعاً، احتفل الجميع كل على طريقته، أتمنى أن تستمر هذه الروح دائماً، وألا تتكرر تجارب السنوات السابقة المؤسفة, حيث لم نلحظ تلك الممارسات المزعجة التي كان يقوم بها البعض من السلطة التنفيذية، وبدا حرص الجميع على استكمال اليوم بهدوء !
أبو يزن من قرية «جولبستان» الدرباسية، يقول: أنا مواطن عربي سوري, أشارك في احتفالات نوروز منذ أعوام، الملفت هذا العام مشاركة أعداد متزايدة من الشباب العرب، وهذا يدل على عمق العلاقات بين أبناء المحافظة. واسمحوا لي أن أهنىء أبناء هذا الجزء العزيز من النسيج الوطني بهذه المناسبة العزيزة. لي ملاحظة أتمنى أن يتسع لها صدر الجميع، وهي عن تعدد المنابر في الموقع الواحد للاحتفال، لماذا لا تكون هناك منصة واحدة؟ في العموم آمل أن يكون العيد مناسبة لتعزيز الوحدة واللحمة الوطنية.
هيلين علي من قرية «أبو راسين» تقول: إن هذا الاحتفال, عدا عن كونه يشكل طقساً تراثيا جلّ المحتفلين به من أبناء القومية الكردية, فإنه في الوقت نفسه يعكس حالة التنوع والغنى في المجتمع السوري، ومن هنا فإن تهيئة الأجواء المناسبة ليأخذ هذا العيد طابعاً وطنياً سورياً ينصب باتجاه تعميق الوحدة الوطنية, ويقطع الطريق على أصحاب عقلية الانعزال في الوسط الكردي والعقلية الشوفينية لدى البعض في جهاز الدولة.
جان محمد: من «علي فرو» يقول: جرت الاحتفالات هذا العام في أجواء أفضل نسبياً من الأعوام القليلة الماضية, حيث أن الجهات الرسمية كانت أكثر تفهما، وانعكس ذلك إيجابيا في الوسط الشعبي..
العيد عيدان
لقد تكامل فرح العيد مع كرم الطبيعة حيث الأمطار الغزيرة والحقول الخضر على مد النظر، ولكن الفرح كان يمتزج بشيء من القلق والإحساس بالحرمان لا سيما بعد توارد الأنباء عما حدث في محافظة الرقة من أحداث مؤسفة التي أثرت سلباً على بهجة العيد وصفاء القلوب، إذ كان من الضروري التحلي بالحكمة والمسؤولية بما يؤكد على معاني العيد ويعزز الانتماء الوطني، ومن هنا فإن ضرورة إنهاء كل أشكال التمييز على أساس قومي, واعتبار نورز عيدا وطنياً كما ذكرت العزيزة قاسيون في آذار 2009 (متى ننورز؟) يعبر عن المصلحة الوطنية.
سألنا رئيس دورية حفظ نظام: لماذا التفتيش؟! نتمنى أن تنقلب تلك الصورة التي ارتسمت في أذهان الناس تجاهكم؟! فردّ قائلاً: نحن هنا للحفاظ على سلامة الجميع وليس من أجل الإساءة لأحد، ونتمنى أن نجد تعاوناً من الجميع... نتمنى ذلك!
وبعد، بقي أن نقول: إن هذا العيد الذي يحتفل به جزء عزيز من النسيج الوطني السوري، يجب أن يكون عامل اندماج وتقوية للبنية المجتمعية السورية، وهذا من واجب الجميع, وعدا ذلك فإن أي سلوك معاكس يتم إما جهل أعمى أو إثارة للفتنة، ومن واجب جميع الوطنيين داخل جهاز الدولة وخارجه قطع دابر أي فعل يخالف الوحدة الوطنية أياً كان فاعله. ولكونه عيداً تحتفل به العديد من شعوب الشرق يجب أن يكون مناسبة للنضال من أجل الحرية والانعتاق، وضد مشاريع الفتن والفوضى الخلاقة، ومن أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
الحسكة - مكتب قاسيون