وزارة التعليم العالي تحبط الطلاب قرار تعجيزي جديد يوصد باب الجامعات
بعد يومين من صدور نتائج الثانوية العامة بفرعيها الأدبي والعلمي والثانوية الشرعية، أصدرت وزارة التعليم العالي إعلاناً عن إجراء اختبارات خاصة بالقبول الجامعي للحاصلين على شهادة الدراسة الثانوية لدورة عام 2010 للطلاب السوريين ومن في حكمهم، ودورتي عام 2009-2010 للطلاب العرب والأجانب في بعض الكليات والأقسام بالجامعات السورية للعام الدراسي 2010-2011، وكتب في أعلى الصفحة من الإعلان «لجميع أنواع المفاضلات ولا يجوز إجراء أي اختبار بعد انقضائه»، وتضمن الإعلان مداخل للاختبار الأول يتعلق الأول بالاختبارات المركزية (الهندسة المعمارية، الإعلام، اللغة العربية، اللغتين الفرنسية والإنكليزية)، والثاني بمسابقة كليات الفنون الجميلة، والثالث بالاختبارات الخاصة بالتربية الموسيقية والرياضية والتمريض، إضافة إلى كليات الآداب أقسام اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية.
لكن ما يعنينا من هذه المقدمة هو أن وزارة التعليم العالي لم تكن موفقة بتاتاً في طريقة عرضها لهذا الاختبار، وبالتالي لا ندري على أية تجربة عبقرية اعتمدت الوزارة، أهي التجربة الماليزية أم السنغافورية أم السيريلانكية؟ وكأن الطلاب السوريين أصبحوا حقول تجارب تجرى عليهم اختبارات الدول المجاورة التي تختلف أنظمة التعليم والتقييم فيها عن المتبع في سورية قلباً وقالباً، «قاسيون» رصدت على مدى يومين مراكز التقدم لهذه الاختبارات حيث كانت المفاجأة أن من بين كل عشرين طالباً لم يتمكن ستة عشر طالباً من شرح ما جاء في مفاضلة الاختبار، وهذا يعني بالضرورة أن الطلاب سيقعون بما هب ودب من الأخطاء فيها وهم أنفسهم من سيدفعون ثمن عبقرية وزارة التعليم العالي ومجلسها الذي أصدر وابتكر هذه المفاضلة.
المصيبة لم تكن بعدم معرفة الطلاب لشروطها فقط بل وصل الأمر لأساتذة الطلاب، فعندما عرضنا نص المفاضلة على ثلاثة أساتذة لشرح مضمونها وطريقة اعتمادها، اثنان منهما هزا برأسهما دون قدرة على الإجابة بلا أو نعم، بينما الثالث طلب الانتظار لقراءتها مرة أخرى بتمعن حتى يستطيع شرح شروطها!.
إذا كانت البداية هكذا فكيف ستكون النهاية؟ ومن سيتحمل أعداد الضحايا من الطلاب نتيجة هذه التعقيدات التي يبدو أن المسؤولين لا يهمهم فيها سوى اتخاذ قرارات دون التحسب للنتائج، وماذا قال الطلاب؟
صالح عبد الرحمن الذي يعيد البكالوريا للمرة ثانية، قال: منذ الصباح وورقة المفاضلة بين يدي وأنا أحاول فهم طلاسمها لكن دون جدوى، مضيفاً: سألت حتى الآن أكثر من عشرة طلاب لكن للأسف لم يكونوا بأحسن حالاً مني، أما سمر فقالت: تناقشنا أنا وأهلي أمس في الشروط لأكثر من ثلاث ساعات وتمخض الاجتماع في النهاية أنني فهمت ما تقصده المفاضلة، لكنني بعد أن أتيت إلى مركز التسجيل اختلفت الآية كلياً، أما عمر الذي ضيع- حسب قوله- نصف عمره في الدراسة، فقال: المشكلة أن الذي يتخذ القرار أو يصدره يتخيل أن الجميع يفهمون ما يقصده، وعندما يخرج إلينا مسؤول في الوزارة على التلفزيون يحاول أن يقنعنا بإبداعاته خلال برنامج لا تتعدى مدته نصف ساعة.
أستاذ يدرس الثانوية العامة قال: كان يفترض بالوزارة أن تقدم نص شروط الاختبار أثناء العام الدراسي حتى يتسنى لجميع الطلاب والمدرسين فهم آلية التسجيل للمفاضلة، وفهم شروطها تفادياً للأخطاء وما قد يحصل لاحقاً من أمور يكون الطلاب هم ضحيتها، ويضيع تعبهم لمدة سنة كاملة، أما الأهالي فبعضهم استنجدوا بمن هم أفضل فهماً منهم من الأصدقاء والجيران لمساعدة أبنائهم أو الذهاب معهم ترقباً لأي خطأً يرتكبونه أثناء التسجيل.
أما النقطة الأخرى التي لا بد من تناولها من جملة الأخطاء هذه فموضوع إضافة بند الثقافة العامة في موضوع الاختبارات وبنسبة 10% وعلى الرغم من ضعف هذه النسبة لكن قد تكون السبب في حرمان الكثير من الطلاب في الدخول إلى الفرع الذي يريدونه، لكن الطامة ليست هنا بل باختلاف نسب الثقافة هذه من محافظة إلى أخرى، وللأمانة فإن أحد أولياء الطلبة من محافظة الرقة قال: عندما كان ولدي يدرس دروسه ويحضر نفسه للامتحان كان في الوقت ذاته يسرح بالغنم، فهل الوزارة ستسأله مثلاً عن الطريقة التي يقود فيها كلب الرعيان من باب الثقافة العامة أم ستسأله مثلاً عن أجود أنواع الصوف؟! ألا يعني هذا تراجعاً كبيراً في العملية التريوية برمتها؟! ألا يمكن لهذه النسبة الضئيلة أن تلعب لعبتها في التلاعب بالنتائج من حيث الأسئلة التي ستعتمدها لجان الاختبار؟! لقد كان من الأجدر بالقائمين على التعليم التفكير بشكل يكون لمصلحة الطالب والعملية التربوية، لا أن يعتمدوا شيئاً تنسفه التجربة بعد سنة أو سنتين على أقل تقدير، كما حصل مع عملية التثقيل التي أطاحت في الدورة التي اعتمدتها الوزارة بأحلام عشرات الآلاف من الطلاب وما زال أهلهم يدفعون ثمن عبقرية من ابتكرها وقتئذ.
نهايةً: هل من مهمة الوزارة تسهيل الأمور على الطلاب ومساعدتهم؟ أم إصدار قرارات تعجيزية واختبارات فهلوية تطيح بمستقبل آلاف الطلاب بجرة قلم؟!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.