المرضى في مصيدة «الأطباء»: ادفعوا وعوا!
أدخل أحد الأطباء في إحدى مشافي دمشق مريضه إلى غرفة العمليات، ولكن بعد أن اطمأن إلى أن قسماً من تكاليف العملية أصبح في مالية المشفى، وذلك لإجراء عملية فتح شريان في القلب للمريض، جلس ذوو المريض ينتظرون نتائج العملية بأعصاب متوترة تظهر على وجوههم علائم الخوف والقلق وبعد مضي نحو ساعتين فتح الطبيب باب غرفة العمليات وخرج، فهرع إليه ذوو المريض وقد ازداد قلقهم يسألون الطبيب: «أخبرنا يا دكتور.. كيف أصبحت حال المريض؟».. كان بادياً على وجه الطبيب التوتر الشديد، ثم أجابهم وهو يسير بسرعة وكان صوته خافتاً وكلماته ترتجف: «أطمأنوا هو بخير».
لم يقتنع الأهل بتلك الإجابة فازداد قلقهم واضطرابهم فطلبوا من الطبيب رؤية المريض، فرفض بشدة مذكراً بأنه من الممنوع رؤية المريض بعد العملية، فطلبوا منه أن يروا المريض فقط دون الدخول إليه عبر زجاج الغرفة، ولكنه كرر الرفض، ذهب الطبيب إلى مكان ما، ثم عاد فدخل غرفة العمليات وبعد نحو أربع ساعات من إدخال المريض إلى غرفة العمليات خرج الطبيب ليعلم أهله بوفاته، وكانت الدلائل تشير إلى أن المريض قد توفي لحظة خروج الطبيب أول مرة من الغرفة متوتراً..
السؤال المطروح: لماذا أخفى الطبيب خبر وفاة المريض لحظة الوفاة؟ والجواب بكل بساطة من أجل الحصول على أجرة العملية كاملة ولاسيما أن إدارة المشفى كانت تلح على ذوي المريض الإسراع بدفع تكاليف العملية! أما سبب الوفاة وماذا حصل في غرفة العمليات فذاك لا يعلمه إلا الله، لأن ذوي المريض رفضوا اتخاذ أي إجراء أو استدعاء الطبيب الشرعي خوفاً من تشريح الجثة، فهم لا يريدون ذلك..
انتهت الحكاية ولكن مسلسل الحكايات لم ينته وربما لن ينتهي!.
في مكان آخر، رفض طبيب آخر إجراء عملية لإحدى المريضات قبل أن يتم دفع نصف المبلغ إلى المشفى، وكانت المريضة بين الحياة والموت.. وبعد أخذ الطبيب عهود ومواثيق وضمانات كبيرة، وسماعه لأيمان مغلظة ومخففة من ذوي المريضة بأن المبلغ سيكون حاضراً بعد ساعة أو ساعتين، وافق أخيراً على إجراء العملية ولكن دون ضمان النتائج الإيجابية!.
أطباء يجرون عمليات ولادة قيصرية في المشافي مع عدم الحاجة إلى ذلك ويمكن أن تكون الولادة طبيعية وذلك من أجل الحصول على مال أكثر. أطباء غيرهم يرفضون فحص المريض في المشافي العامة بذرائع مختلفة، وذلك لاستدراج المريض إلى عيادتهم الخاصة من أجل الحصول على المال الوفير.
وهناك أطباء كثيرون لا يتقيدون بتسعيرة وزارة الصحة، فيستغلون المريض عند كل زيارة إلى عياداتهم الفارهة، ويأخذون أجرة مضاعفة.. ولا يهم هنا إذا كانت الزيارة مراجعة دورية، أم زيارة لأول مرة!. وهناك أطباء يزاولون إلى جانب الطبابة بيع التقارير الطبية المصدقة من وزارة الصحة للمرضى، وذلك فقط من أجل الحصول على مزيد من المال.. أطباء وأطباء وأطباء، ليس لهم في الطب غير الاسم!.
كل ذلك يحصل لغياب القضاء ونوم وزارة الصحة وموت الضمير الإنساني ويقظة النظرة المادية الطاغية، والتي حولت بعض الأطباء إلى ذئاب بشرية لا يهمها سوى جني الأموال والأرباح وامتصاص دماء الفقراء والمساكين وذوي الدخل المحدود.. هذه النظرة المادية أماتت في قلوب الأطباء كل إنسانية ورحمة وأعمت أعينهم وقلوبهم وأغلقت عقولهم وفتحت جيوبهم على مصراعيها حتى تعذر امتلاؤها وإغلاقها.. فأين دور وزارة الصحة، وكل أجهزة الحكومة، في حماية الناس من تسلط المرض ومعالجيه؟!.