فلاحو الرقة... مصائب قوم عند قوم فوائدُ ...

من أزمة المازوت إلى أزمة الخبز..ومن أزمة الكهرباء إلى أزمة الماء..ومن أزمة النقل إلى أزمة البذار إلى أزمة السماد..و..و.. وماذا نعدّ حتى نعد.. هذا في أيام شبه الاستقرار السابقة، فكيف في ظلّ الأزمة العامة والأزمة الوطنية..؟

هكذا هي معاناة الفلاحين في الوطن الذين يكدحون ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً ولا  يحصلون على حدّ الكفاف من لقمة عيشهم.. بل ويخرجون غالباً خاسرين..والرابح الأكبر قوى الفساد والتجار.. ومؤخراً أضيف لهم تجار الحروب والأزمات المستجدة..

 

وهكذا هي معاناة الفلاحين والمزارعين والجمعيات الفلاحية في الرقة، مع محصول الذرة الصفراء رغم أن الحكومة وجهت بشراء كامل المحصول، والسبب هو توقف مجفف بحجة عدم وجود مازوت، بينما المازوت متوفرٌ بكميات كبيرة في السوق السوداء ولدى الباعة الجوالين من أصحاب الصهاريج الذين يبيعونه خفيةً..

فالمجفف يستهلك يومياً بحدود 30 ألف ليتر، وقد توقف منذ صباح يوم السبت 17/11/2012 فما هي نتائج ذلك..؟

السيارات المحملة بمحصول الذرة من الفلاحين عادت بعد أن تحمل الفلاحون أجور النقل ذهاباً وعودةً.. أي لم يعودوا بخفي حنين فقط بل عادوا بخسارة مزدوجة.

قام الفلاحون بنشر محصولهم من الذرة في العراء ليجففوه تحت أشعة الشمس فجاءت الأمطار التي أدت إلى تعفنه.

ما تم حصده من محصول هذا العام لم يتجاوز %30 وبقي منه %70 والسبب عدم توفر شهادات المنشأ للفلاحين والجمعيات لحصد محصولهم بينما هي لدى التجار وتباع ما بين 10 و15 ألف ليرة.

سعر كغ الذرة يباع للدولة وحتى للقطاع الخاص ما بين 17 و20 ليرة بينما يشتريه التجار ونخاسوا الفساد حالياً من الفلاحين ما بين 9 و11 ليرة .

انخفاص حصاد الذرة وتوقف تجفيفها سينعكس على الثروة الحيوانية فالذرة تشكل مادةً أساسية في العلف.

والخطورة الأكبر أنه لم تتم زراعة محصول القمح للآن  لأنّ الذرة لم تحصد في أغلبها ومع قدوم الأمطار يصبح من الصعوبة حراثة الأرض وزراعتها بالقمح إذا لم نقل مستحيلة، وخاصةً أننا نعاني من أزمة نقص وبالتالي نحن مقبلون على مضاعفة أزمة الخبز في الموسم القادم..

والسؤال : هل هذه الأزمة مفتعلةٌ أم لا ..؟من خلال معرفتنا الطويلة بطبيعة قوى الفساد وممارساتها وتحالفها مع التجار.. ومن خلال معرفة من المستفيد يتبين لنا أنها أزمةً مفتعلة عن عمد.. وإذا افترضنا حسن النية نتساءل : لماذا لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.. وإذا لم يتم ذلك.. لماذا لا تتخذ إجراءات علاجية إسعافية.. فإن كنت تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم..