في موحسن.. فساد الوقاية نتيجة فساد المعالجة
اعتاد المواطن السوري ولشديد الأسف أنّ أغلب المعالجات للأمور التي تتعلق بمصلحة الشعب والوطن تتم وفق حلولٍ ترقيعية، حيث يلعب الفساد بحرّية بينما من يريد الحرية من المواطنين يُقمَع ويُعتقَل ويُعذَّب.
من وزارة الزراعة، إلى مديرية الزراعة، إلى الشعبة، إلى.... أو العكس، فسادٌ في فساد في فساد، فقد قامت مديرية الزراعة بديرالزور، ومؤكد أنّ ذلك بعلم الوزارة، بتوزيع أدوية مكافحة على الشُّعَب الزراعية ومنها إلى الوحدات الإرشادية، فاسدة ومنتهية الصلاحية منذ عام 2009، وهي للمكافحة والوقاية من حشرة السونة التي تصيب محصول القمح كل عام، وتؤثر على إنتاج الوطن واقتصاده وأمنه الغذائي، ناهيك عن الفلاح المسكين الذي يكدّ ويكدح ويبذل الجهود في برد الشتاء وحرّ الصيف، ليخرج في النهاية خاسراً وفي أحسن الأحوال صفر اليدين.
إنّ البودرة التعفيرية بلانتوسيد 0.1% منتجة في الشهر الثالث 2006 وتنتهي صلاحيتها بحسب الملصق الموجود على العبوة في الشهر الثاني 2009، وهي مصنعة لصالح وزارة الزراعة ومن إنتاج منشأة الطحان لصناعة المبيدات والأسمدة. فأين كانت هذه المادة؟ هل كانت مخزنة في الوزارة أم المديرية؟ ولماذا لم توزع في السنوات السابقة؟ ولماذا توزع الآن وبكميات كبيرة وهي فاقدة المفعول؟ ألا يضر هذا بموسم القمح كاملاً؟ وبالتالي ليس الفلاح فقط سيخسر وإنما سيؤثر ذلك على أمن الوطن الغذائي وصحة المواطنين!
إنّ ما يجري جناية مع سبق الإصرار والترصد بحق الشعب والوطن، وليست خطأً عابراً، ونطالب بمحاسبة المسؤولين الكبار عنها أولاً، لا أن يكون الصغار ضحيةً لهم.
وفي جانبٍ ثانٍ تتم سرقة أدوية مكافحة الباذنجان البري ذات السعر العالي، ولا توزع الكميات اللازمة، بل ويجري وضع كمياتٍ قليلة جداً في المرشات، وأحياناً ماء فقط لخداع الفلاحين، ويوجد عند أحدهم من هذه الأدوية ما قيمته 90 ألف ليرة سورية، حسب ما أفاد بعض الفلاحين. وقد غزا الباذنجان البري المحاصيل والأراضي الزراعية وأخرج قسماً مهماً من الإنتاج، كما أنه يؤثر على نمو المحاصيل وإنتاجها، وهذا أيضاً ينعكس على اقتصاد الوطن وعلى الفلاح مباشرةً، والذي سيذهب كلّ جهده هباءً، نتيجة الفساد والفاسدين الذين ينهبون الأموال الطائلة من الدولة والشعب.
وسبق أن نوهت «قاسيون» في السنة الماضية إلى سرقة السماد العضوي الذي يوزع مجاناً، ولم تتم محاسبة أحد، وجرى لفلفة الموضوع ونسيانه. إضافة إلى أن قوائم دعم محصول الذرة السابق مازالت لم تنتهِ، ولم تُصرَف بسبب الإشكالات الناجمة عن تأخر إقراره من الوزارة، بعد انتهاء المحصول بثلاثة أشهر، وعدم وجود إحصائيات وجداول للأراضي المزروعة والمزارعين، وضياع حقوق الفلاحين بين الشعبة الزراعية والجمعية الفلاحية.
هكذا دائماً تتم معالجة القضايا الكبيرة والصغيرة عن طريق الفساد والمفسدين، وتُهدَر كرامة الوطن والمواطن بأيدي الفاسدين والمنافقين، بينما من المفترض أن تكون فوق كل اعتبار، وخاصةً في هذه الأيام. وهذا لا يليق بموحسن وأهلها بتاريخهم الوطني والطبقي العريق، لذا من حقهم أن يتظاهروا ويعبروا عن رأيهم ومواقفهم، وليس كما يفعل المنافقون والفاسدون لحماية مصالحهم.