أهالي الرقة في جحيم الإرهاب

أهالي الرقة في جحيم الإرهاب

معظم أهالي الرقة كانوا يعتمدون في معيشتهم على استثمار محاصيلهم الزراعية، حيث تعتبر مدينة الرقة مدينة زراعية، بعلاً أو سقياً، نظراً لوجود نهري الفرات والبليخ، ونظراً لتوسع استصلاح الأراضي فيها خلال العقود المنصرمة بالإضافة إلى استخدام الوسائل الحديثة بالري.

وقد كان من تلك الزراعات القطن والشوندر السكري والقمح والذرة الصفراء، بالإضافة إلى الخضار والفواكه الصيفية والأشجار المثمرة، مثل اللوزيات والزيتون، الذي توسعت زراعته بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ما قبل اجتياحها من قبل داعش الإرهابية.
بالإضافة إلى المنتجات الزراعية فان في الرقة مربو ثروة حيوانية من الأغنام والأبقار والدواجن، مع منتجات مرتبطة بهذه الثروة من حليب وألبان ومشتقاتها.
تراجع الزراعة
اعتباراً من دخول الإرهابيين إلى المدينة، وسقوطها بيد داعش الإرهابية، بدأت الزراعة بالتراجع حتى وصلت لأدنى مستوى لها، وتراجعت معها المنتجات الزراعية، وتوقفت زراعة الشوندر السكري والقطن، وخاصة بعد تدمير معمل السكر ومحلج الرقة، كما تراجع الإنتاج الزراعي بشكل عام وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، اعتباراً من الأسمدة والمبيدات وليس انتهاءً بالبذار، حيث باتت تكاليف الإنتاج أعلى من الأسعار الرائجة للمنتجات، مما أدى إلى عزوف الفلاحين عن العمل الزراعي وتزايدت معدلات هجرتهم ونزوحهم من المدينة، هرباً من الإرهاب، وبحثاً عن مصادر معيشة أخرى، حيث وصل سعر الطن الواحد من السماد إلى 700 ألف ليرة، وسعر الطن من البذار غير المحسن وصل إلى 200 ألف ليرة.
نفوق الثروة الحيوانية
وقد عمد التنظيم الإرهابي داعش على مصادرة آليات القطاع العام بالمدينة بالإضافة إلى تدمير المنشآت العامة من معامل وغيرها، كما سيطر على مستودعات العلف ليقوم بدوره ببيعها للفلاحين بأسعار مرتفعة جداً، ما أدى إلى نفوق عدد كبير من المواشي والثروة الحيوانية، نتيجة ذلك.
انحسار الحرف والمهن
جزء هام من الحرف والمهن في الرقة كانت مرتبطة بالإنتاج الزراعي والحيواني، ومع تدني المحاصيل والمنتجات الزراعة والحيوانية بات العاملون في تلك المهن والحرف دون عمل، ما ساعد على ازدياد معدلات وأرقام الهروب والهجرة.
تشوه في التجارة
العديد من المحلات التجارية في المدينة تحولت مع دخول داعش إلى محلات صرافة للعملات الأجنبية، حيث ازداد عددها واصلاً لحدود 184 محلاً، كما أصبحت المواد النفطية والبترولية هي المواد الرائجة على مستوى التجارة، وخاصة إلى تركيا برعاية الدواعش، أما المواد الاستهلاكية التي تصل إلى المدينة من تركيا فهي بيد الداعشيين حكماً، حيث يتحكمون بها عبر بعض الوسطاء والتجار على حساب قوت الأهالي والمواطنين هناك.
منع للتعليم
على مستوى الوضع التعليمي حدث بلا حرج، فقد عمد التنظيم الإرهابي مباشرة بعد دخوله المدينة إلى منع التعليم بمراحله كافة، وأغلق المنشآت التعليمية، مستعيضاً عنها بدورات خاصة بعقيدته، لخلق جيل متخلف ومغلق على نفسه بالظلام الداعشي، بما يسهل التحكم فيه وبمستقبله.
لم يقف الأمر على ذلك فقد عمد الإرهابيون على تحطيم أجهزة التلفاز في المدينة، كما قاموا بقطع وسائل الاتصال والتواصل مع الخارج كافة.
الجحيم
هذا الواقع المعاش منذ سيطرة الإرهابيين على المدينة جعل من حياة الأهالي هناك أشبه بالحجيم، ما أدى إلى هروب ونزوح العديد منهم عن المدينة، ومن بقي هناك فهم ممن لاحول ولا قوة، فقد اضطروا للعيش تحت حكم هذا الإرهاب الذي طال تفاصيل حياتهم اليومية، حتى على فراش الزوجية، قهراً وقمعاً وتنكيلاً وقتلاً.