في ريف حماه الفساد يستثمر في دماء الشهداء والجرحى أيضاً

ليس خافياً على أـحد أن الشعب السوري، نتيجة الكارثة الإنسانية التي تلم به، هو بحاجة لكل أنواع المساعدات، وأهمها المساعدات المادية (العينية أو النقدية). حيث أصبح وضع المواطن المعيشي في أسوأ حالاته، نتيجة الأزمة الكارثية والنزوح والتشرد والعوز من جهة، وسياسات الحكومة المجحفة بحقه من جهة أخرى.

حالة المواطنين هذه، لا يحسدهم عليها سوى أولئك الفاسدين الذين يعملون، رغم كل المعاناة الموصوفة سابقاً، على سلب هؤلاء مقومات بقائهم، حتى وصلت لأبسط ما تمن به المنظمات الدولية من مساعدات،  أو بعض ما أقرت به الجهات الحكومية أو الأهلية منها، على قلتها ومحدوديتها.

الأقربون أولى.. بقروض التنمية!

إن ما يحدث في ريف حماه من ممارسات، من قبل بعض الجهات المعنية بتوزيع المساعدات والإعانات، يدعو، ليس للاستغراب والاستهجان وإنما؛ لضرورة مساءلة هؤلاء قانونياً، ومحاسبتهم على ما يقومون به.
فبعد الإقرار من قبل الجهات الحكومية بتقديم ما يسمى (قروض تنمية صغيرة) للمستحقين من أجل تنمية إمكاناتهم ومواردهم بالاعتماد على الذات، وخاصة لأسر شهداء وجرحى الجيش العربي السوري، فإن ما جرى في بلدة (دير ماما) في كيفية منح هذه القروض وتوزيعها، يؤكد ما ذكرناه سابقاً.
حسب الأهالي في البلدة، فإن الكثير من الأسر التي تستحق هذه القروض لم تحصل عليها، وإنما ذهبت القروض لأقرباء بعض المعنيين والمتنفذين، والمحسوبين عليهم، بوسائل وأساليب التفافية يطغى عليها الفساد والمحسوبيات، وكأنها أحد الأنشطة الاستثمارية الخاصة لهؤلاء.
«أبو يسار»، وهو من سكان البلدة، أفاد أنه على استعداد، مع مجموعة من الأهالي، لتقديم المعلومات اللازمة بهذا الخصوص كلها. مؤكداً أن أحد المسؤولين أخرج من مقره بعض المسؤولين عن توزيع هذا القرض، احتجاجاً على شكل توزيعه ومنحه، والمستفيدين منه، ما يشير إلى أن الشكل السيء في التوزيع والمنح بات معلوماً ومفضوحاً من قبل الجميع، وعلى الرغم من ذلك فهو السائد.

سلل الغذاء لمالكي العقارات والسيارات

وأضاف أبو يسار: أن الأمر لا يقل سوءاً فيما يخص توزيع السلل الغذائية، التي تمنحها المنظمات الحكومية وغيرها، حيث توزع هذه السلل لأناس لا يستحقونها، علماً أن لديهم من الدخول قياساً لمن يستحقونها أكثر بكثير، وتحت حجة أن هؤلاء مهجرين، لكن في الواقع فإنهم لا يسكنون الخيام، وإنما يملكون بيوتاً للسكن وعقارات وسيارات خاصة ورواتب وأعمال.
أهالي «دير ماما» يطالبون بأن تصل المساعدات والإعانات لمستحقيها الحقيقيين، من المواطنين المحتاجين فعلاً لها، والتي هي بالأصل مخصصة لهم دون سواهم، وبمراقبة المعنيين والمسؤولين عن توزيع الإعانات والمساعدات والقروض، ومحاسبة بعض المتنفذين والفاسدين ممن مرر وسهل حصول غير المستحقين على هذه الإعانات والمساعدات، دون وجه حق.

«دير ماما» مثالاً فقط
إن ما جرى ويجري في «دير ماما»، ما هو إلا مثال على ما يجري العمل به، من حيث توزيع السلل الغذائية والمساعدات والقروض، في كل ريف حماه، بل وفي الكثير من المناطق والبلدات والمدن السورية، ما يوجب إعادة النظر بالكثير من آليات الرقابة على حسن توزيع المساعدات والقروض وغيرها على مستحقيها من المواطنين، بعيداً عن المحسوبيات والفساد وأدواته وأذرعه.