وزارة الشؤون والعمل من دلف الاكتوارية إلى.. مزراب المستشار «الخلبي» والتايكواندو والشخير الصباحي

لا يخفى على أحد، أن الفساد منتشر في سورية كانتشار الفطر، وقد أصبح مع الزمن وباءً مستشرياً ينخر في خلايا المجتمع كافة، وبشكل خاص في كل مؤسسات الدولة ودوائرها. وهذا الاستشهاد ليس من إبداع المواطن السوري فقط، وإنما من منظمة الشفافية العالمية أيضاً، وبما أن الفساد يمكن تعريفه بعبارة بسيطة واحدة بأنه استغلال المنصب العام لخدمة المصالح والمنافع الشخصية، فإن انتشاره الواسع والكبير في سورية يتناسب طرداً مع كبر حجم الدولة، واتساع دورها وعمق تداخلاتها في إدارة المجتمع وأنشطته المختلفة، الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية، متخذاً أشكالاً وتجليات مختلفة ومتنوعة يعاد تطويرها، يوماً بعد يوم من الفاسدين والمفسدين، حيث تبدأ بتحرير الصفقات والعقود غير المشروعة لقاء عمولات خاصة ومجزية، مروراً بتقرير وإرساء المناقصات الحكومية لمن يعطي أكثر، ومن ثم تلقى الرشاوى كي يغض النظر عن تجاوزات القانون أو لتسهيل حركة المعاملات في الدوائر الرسمية، وأيضاً عبر استخدام المركز الحكومي، إرهاباً وتهديداً وابتزازاً، بغاية جني ما يمكن جنيه من أموال، وانتهاءًَ باستغلال الصلاحيات العامة لأجل فرص التوظيف أو جعل الوزارة مزرعة لأفراد أسرته دون أدنى اعتبار لمصالح الوطن والمواطن، ومن يملك أنفاً ذا حساسية عادية يستطيع أن يشم روائح مستنقع الفساد النتنة وفضائحه التي تمتد كأذرع الإخطبوط إلى أماكن ومواقع قد لا تخطر على بال أحد.

والأسوأ من كل ذلك، عندما ترى كيف تصبح قيم الفساد أحد شروط اختيار الأفراد لتولي المسؤوليات السياسية والإدارية وكيف تغزو هذه القيم العقول والضمائر، فتغدو في الثقافة الشعبية مظاهر إيجابية تدل على الشطارة والحنكة والذكاء. في مواجهة القيم النبيلة، قيم الحق والنزاهة والعدل، التي أصبحت، على ما يبدو، سمات الشخصية الضعيفة والساذجة وقليلة الحيلة!!

ولعل ما يقوم به المستشار في وزارة الشؤون (ع.ع) الذي يتصرف ويتجول بحرية كاملة وبأوامر من الوزير تستحق هذه المقدمة، فهل يعقل أن يجعل الوزير من الوزارة فندقاً للمستشار ومرافقه، بحيث يتم تخصيص غرفة نوم بالوزارة مع كامل ملحقاتها لسيادته.

لم يكتف الوزير بهذا القدر بل تدخل لأجل زوجة المستشار، وتم نقلها إلى مديرية الشؤون في حلب مركز التأهيل المهني بحلب، وأكدت مصادر أنها لا تداوم. بالإضافة إلى تخصيص سيارة لها في المحافظة وهي مركونة ولا تسير، وتخصيصه بسيارة ثانية في دمشق والعمل على رفع قيمة الاستهلاك للسيارة المخصصة له في دمشق، وهي عبارة عن سيارة خدمة بالإضافة إلى فرز سيارة للعامل (و.ع) العامل في مديرية العلاقات العامة من أجل خدمة وتلبية حاجات المستشار.

ولكي يبين الوزير عن تقديره للسيد المستشار أهدى الفرش المخصص لمكتبه الذي لم يمض عليه أشهر، ونقله إلى مكتبه، وقام الوزير بشراء فرش تركي، وذلك عن طريق الشراء المباشر.

وعلى الرغم من أن بناء الوزارة حديث، فقد قام المستشار بتغير أطقم الحمام، والسيارة الموجودة لدى المستشار في حلب أخذها أول ما عين في الوزارة وهي كانت مخصصة لمدير المكتب السابق.

الأنكى من كل هذا أن هناك مستشارين أقدم منه وأكثر كفاءةً، لكن العفش الموجود في مكتبهم ما زال بقديمه الجديد، علماً أن مكتبي المستشارين لا يتجاوزان نصف مكتب المستشار (ع.ع) المدلل.

وحسب مصادر في الوزارة فإن المستشار لم تظهر له أية دراسة فعليه لعمله، وليس له سوى توقيع واحد إلى الآن وهي على أذونات السفر، وجداول التعويضات، وكميات المحروقات التي يتقاضاها.

أما فيما يتعلق بمرافق الوزير وهو ابن أخت الوزير فقد تم تأمين غرفة نوم له أيضاً، وعقد عمل بثلاثة أشهر، والمضحك المبكي أن من يدخل الوزارة قبل التاسعة يسمع صوت شخير المرافق والمستشار، بالإضافة إلى بعض الأصوات التي تصدر، وهي عبارة عن أصوات أولاد الوزير الذي يقوم المرافق بتدريبهم على حركات التايكواندو، قبل أن يبدأ المرافق بجولته الصباحية أمام الموظفين التي تبدأ قبل الساعة التاسعة متجولاً بـ«الجلباب» مشمراً فوق الركبة وكأنه في بوادي تدمر.

يبدو أن الوزارة يسيرها ثلاثة وزراء هم الوزير والمستشار والمرافق، وإلا ما المعنى أنه عند جلب أي شيء حتى الشراشف أو المخدات أو شيء يحسب للثلاثة  بالتساوي؟.

إن أسلوب المحاسبة والمعاقبة الذي يطال بعض الرموز الفاسدة، بين فترة وأخرى رغم أهميته، سيبقى قاصرا وعاجزا إذا لم يترافق مع اجرءات اسعافية فورية، تزداد إلحاحاً يوماً بعد يوم، لتساعد على محاصرة بؤر الفساد وعزلها ما أمكن ذلك، إضافة إلى ذلك تقف في سلم الأوليات، ضرورة إطلاق يد الصحافة، دون حسيب أو رقيب، في انتقاد وتعرية ومطاردة كل مظاهر وقوى الفساد، مهما بدت صغيرة وتافهة، أو كبيرة ومدعومة.

أن الذي يجب أن يعاد النظر فيه هو عبر السؤال التالي: أين ذهبت ما يسمى لجان التفتيش عن الكسب غير المشروع، وهيئات المحاسبة والسؤال من أين لك هذا في ثنايا مقولة «هذا من فضل ربي»؟!.