ارتفاع أسعار الأدوية.. وأوجه مختلفة للمصائب!
رغم أن المنتج الدوائي السوري أثبت جودته وموجوديته حول العالم، إلا أن هناك موقفاً مختلفاً تشكّل لدى الناس من الدواء، يتمثّل في سعره المرتفع قياساً مع الدخل المحدود لبعض المواطنين في سورية. وبعد صدور قرار الترخيص لجميع المتقدمين لإقامة معاملالصناعات الدوائية وفق معايير عالمية، أكدت مصادر وزارة الصحة أن الوزارة بدأت بإعداد دراسة لأسعار المواد الأولية المستحضرات الطبية وفق الأسعار العالمية، إذ تعتبر الأدوية السورية منخفضة الأسعار قياساً بالعالمية والعربية، ورفعت الوزارة أسعار الأدويةالمحلية وجاءت الزيادة بحدها الأقصى 18% للمرة الأولى من ثماني سنوات، واختلفت الفوارق بالسعر حسب الثمن القديم حيث وصل الفارق بسعر أدوية السكر إلى عشر ليرات سورية للعلبة فقط، أما دواء القلب أو مميع الدم فكان الفارق نحو 35 ليرة سورية وفيشراب الالتهاب وصل الفارق 25 ليرة سورية، وأدوية الالتهاب (الحبوب) سجلت فارقاً قرابة 25 ليرة سورية أيضاً، والآن جاء ارتفاع للدواء الذي لا يتجاوز سعره الـ 50 ليرة كمجاراة للارتفاع العالمي في الأسعار، إضافة لقانون إعادة توزيع الدعم الذي نتج عنهارتفاع أسعار المحروقات في سورية.
فهل يا ترى ارتقت الجودة حتى زادت أسعار الدواء لدى القطاع الخاص لبعض الأنواع الضرورية من الأدوية؟ وكيف يتم تحديد الآلية المتبعة في تسعيرة الدواء محلياً وعالمياً؟.
قال الدكتور (عبد الله قيروز) عضو المكتب التنفيذي في نقابة الصيادلة: «تضمن القرار رفع أسعار جميع أدوية التي لا تتجاوز أسعارها الـ 50 ليرة وبنسب متفاوتة»، وتابع: «الزيادة التي فرضت على الأسعار جاءت بعد دراسة مشتركة بين وزارة الصحة ونقابةالصيادلة، بما يضمن تحقيق الأرباح المعقولة، كخطوة أولية في مشروع المنافسة ومنع الاحتكار الذي سيطبق قريباً».
ومن جهة أخرى قال الصيدلاني (وضاح كيالي): «إن هذه الزيادة ستريح الصيدلاني من مسألة الفراطة، حيث أصبحت أسعار الأدوية بالرقم الصحيح بعيداً عن مسألة إرجاع الليرات». وتحدث أحد الصيادلة في ريف دمشق عن وصول نشرات أسعار جديدة يعمل بهاوتشمل أغلبية المنتجات المحلية للشركات السورية.
ويتوقع المصنعون أن تساهم هذه الخطوات في تصنيع مستحضرات دوائية معقدة وتحتاج إلى تقنيات عالية وهذا بدوره سيساهم في تغطية احتياج الأسواق المحلية وتأمين مزيد من المستحضرات بقصد التصدير لاسيما وأن سورية تصدر الدواء إلى 54 دولة فيالعالم وتدخل أسواق أوروبا إذ بلغت صادرات سورية الدوائية العام الماضي 210 ملايين دولار واحتلت عربياً المرتبة الثانية بعد الأردن الذي بلغت صادراته 370 مليون دولار.
ولكن ماذا عن معاناة الكثير من المرضى الذين باتوا يدفعون ضريبة تقدمهم في السن أو الأمراض المستعصية التي تحتاج الكثير من الدواء لفترات زمنية طويلة من هذا الغلاء الدوائي؟!
السيدة (ص.ش) قالت: «تقدُّمُنا في السن جعلنا نراجع الأطباء باستمرار، ماذا نفعل؟ لقد بات ذلك يثقل كاهلنا لذا قمنا بالاستعانة بابننا مادياً لم نعد وزوجي قادرين على تحمل تكاليف الأطباء والأدوية، فأنا مصابة بضغط الدم والسكري، ويعاني زوجي أيضاً منالسكري، هذا ما يضطرنا لإجراء المعاينة كل شهر، ومعاينة الطبيب تصل إلى 1500ل.س والمراجعة ألف ل.س، أما الدواء فحدث ولا حرج وهذا يفوق طاقتنا إلا أننا مضطرون لذلك».. السيدة (ن.ص) توافق على هذا الرأي، وتقول: «أُصبت وزوجي بداء السكريوالضغط وأنا أعاني مثله بالإضافة إلى انسداد الشرايين وترقق العظام وشهرياً يحتاج كل منا إلى 6-7 آلاف ليرة سورية يعني المجموع 14 ألف شهرياً هذا لم نأكل ولم نشرب بعد، وأعتقد أننا لا نجلس على صندوق تصنيع للمال».
(س.م) مدرسة متقاعدة: «بعد تقاعدي من التدريس أصبت بأمراض ما أنزل الله بها من سلطان، ترقق عظام ومفاصل ودوالي وداء العصر السكري، كلها آفات مهنة، وراتب التقاعد غير كاف لتكاليف نصف الأدوية، الكل مستفيد وراحت علينا، أريد أن أسأل قبل أنيرفعوا أسعار الأدوية والتي بالكاد كنا نستطيع تأمينها قبل ارتفاعها، هل فكروا قبل أن يرفعوا أسعارها بمحدودية معيشة المواطن السوري، اشترينا الدواء بشق النفس، من أين نعيش؟».
(سعيد الفحل) بلاط: «أعاني من مرض السكري وكل ما أجنيه يذهب فقط للدواء، الآن أنا في الأربعين عندما أكبر وأعجز عن تحصيل ثمن دوائي ماذا أفعل؟».
ومن خلال جولتنا بين الناس التقينا بأشخاص يعتمدون على صيدلية مستوصفات المنطقة للحصول على الأدوية، سألنا السيد الخمسيني (محمد الديري) لماذا لا يعتمد أكثر الناس على الدواء الموجود في صيدلية المستوصف الخاص بمنطقتهم والتي تساعد محدوديالدخل فأجاب: «المستوصف إمكاناته بسيطة يعطينا من (الجمل أذنه) ويصرخون في وجوهنا بأن نستكمل باقي الدواء من خارج المستوصف (دبر راسك) بالإضافة لعدم تواجد الدواء الأجنبي الذي لا يستعاض عنه حسب إرشادات الطبيب».
كلٌ يغني على ليلاه
تطوير الشركات الدوائية وحساباتهم في تحقيق الأرباح كخطوة أولية في مشروع المنافسة ومنع الاحتكار وربح الصيدلي التجاري من جهة أخرى، ليبقى المواطن خارج سرب حساباتهم بين المرض وارتفاع أسعار الدواء وكما يقول المثل: «قاقي لتلاقي».