أدوات كهربائية تعيق عودة بعض النازحين
مازال محمد ينتظر، إما أن يحصل على «صفقة كبيرة» تدر عليه الأموال من حيث لا يدري علماً أنه موظف في شركة خاصة وراتبه محدود، أو أن تعود الأسعار كما السابق وبشكل متوازن مع راتبه الشهري، كي يقدم على طلب الفتاة التي يحبها، ليرتبط بها.
منذ 6 سنوات وهو يفكر بالإقدام على هذه الخطوة. استطاع تأمين طابق علوي مخالف فوق منزل العائلة في منطقة القابون بمساعدة والده، حتى جاءت الحرب ليخرج مع عائلته ويترك ذلك المنزل بطابقيه، ويدخل في ملحمة البحث عن الوجود من جديد.
نصف مليون لكهربائيات مستعملة
لم يتوقع محمد أن يصبح البراد مع الغسالة وفرن الغاز، وباقي المستلزمات الكهربائية لزوم أي منزل للزواج، عائقاً أمام زواجه بعد أن اقتنع بإمكانية الزواج ضمن منزل العائلة المستأجر، لأن الحرب طال أمدها وقد «تحصد حياته» قبل أن يقدم على هذه الخطوة على حد تعبيره.
يقول محمد: «أقل براد سعره اليوم حوالي 150 ألف ليرة سورية، وطبعا هناك أسعار غير منطقية نهائياً لبرادات من ماركات معروفة وصلت حد 450 ألف ليرة، وأسعار الغسالات وصل حد 150 ألف ليرة للنوعية الوسط، بينما وصل سعر الفرن 4 رؤوس، نوعية غير معروفة وجودة أقل من وسط، حوالي 60 ألف ليرة».
وأردف «تلك المستلزمات الأساسية، لكن لا يوجد منزل اليوم دون شاشة تلفاز أو تلفاز، ومvكرويف، إضافة إلى سيشوار ومدفأة، وغيرها من الأدوات الكهربائية، ما يعني أني بحاجة إلى نصف مليون ليرة سورية كأقل تقدير، وبنوعيات غير معروفة وغالباً ستكون مستعملة».
حتى التوجه إلى «سوق التعفيش» كما يسميه البعض، وهو عبارة عن عدة محلات و»بسطات» موجودة في جرمانا بريف دمشق بكثافة، تقوم ببيع المسروقات بأسعار قليلة بعض الشيء، أصبح خياراً صعباً، حيث أكد سوار، وهو نازح من مدينة حرستا إلى جرمانا، «أن عودته إلى منزله بات يشوبها الكثير من العقبات، فعدا عن الحل السياسي الذي يرتقبه كي يعود إلى حيه ومنزله، كما عشرات ألوف السوريين، فإن إعادة إحياء منزله كما السابق قد يكون شبه مستحيلٍ!».
«سوق التعفيش»
سوار اضطر مؤخراً لشراء براد بنوعية غير معروفة (صناعة حلبية)، بسعر 60 ألف ليرة من سوق «التعفيش»، بعد أن أدى عدم انتظام التيار الكهربائي إلى تعطيل البراد الذي كان موجوداً ضمن المنزل المستأجر مع أدواته. هو غير قادر على استئجار منزل دون «عفش»، فكيف سيستطيع العودة إلى منزله وإعادة شراء كل شيء من جديد بعد أن تمت سرقته؟
يقول سوار « إن عدت إلى منزلي وهذا ما أتمناه، قد أحتاج إلى مبلغ مالي فلكي قبل دخولي المنزل وقيامي بأية حركة، فعدا عن الترميم وتلك الأمور التي من المفترض أن تقدم جزءاً من قيمتها محافظة ريف دمشق، يجب علي إعادة شراء كل ما سرق من المنزل، وسأكون مضطراً آسفاً لشراء تلك الأدوات من السوق الذي بيعت فيها أدوات منزلي».
«أحتاج بهذه الظروف إلى حوالي 700 ألف ليرة سورية لشراء أهم المستلزمات فقط ومن سوق التعفيش، أما إن كنت سأشتري ذات المستلزمات لكن من الأسواق النظامية، فسأضطر لدفع ضعفي المبلغ، وأنا غير قادر على دفع أي مبلغ من الخيارين».
جولة الكترونية
وفي جولة على أسواق الأدوات الكهربائية المستعملة في دمشق وريفها التي افتتحت على «فيسبوك»، فقد وصل سعر فرن الغاز 4 رؤوس إلى 45 ألف ليرة سورية، والغسالة من نوعية متوسطة الجودة إلى 65 ألف، ووصل سعر المايكرويف إلى حوالي 20 ألف ليرة سورية، ومكنسة الكهرباء إلى 12 ألف، والتلفاز 21 بوصة إلى حوالي 18 الف ليرة سورية.
ويصل سعر ذات الأدوات بجودة متوسطة إلى الضعف تقريباً، في حال شرائها بحالة جديدة غير مستعملة.
بسطات خارج الرقابة
وفي الآونة الأخيرة، انتشرت «بسطات» تبيع أدوات كهربائية على الأرصفة بشكل ملحوظ، ويعرض عليها أدوات مجهولة المنشأ، أو ذات منشأ صيني في الغالب، وأكد مواطنون أن جودة تلك الأدوات متدنية جداً، وقد لا تستمر بالعمل لأكثر من شهر أو اثنين، إلا أن سعرها مغر، ويناسب بعض الشيء أصحاب الدخل المحدود.
وقد أشارت جمعية حماية المستهلك، إلى ارتفاع أسعار الأدوات الكهربائية في الأسواق بشكل «غير مبرر» مابين 600 و1000%، مؤكدةً أن هذا الارتفاع الكبير بالأسعار شكل استنزافاً وعجزاً في القدرات الشرائية عند معظم المواطنين، وهوّة كبيرة بين متوسط الدخول الشهرية للعاملين، وحجم الإنفاق الذي ارتفع إلى نحو خمسة أضعاف.
وما زالت أحلام العودة، كما أحلام الزواج والاستقرار، مؤجلة إلى حين!.