حتى الصرف الصحي في «مزارع» الرقة.. بمقاس الفاسدين!
يحكى أن أحدهم ذهب لزيارة شقيقة له في المدينة، وأثناء مروره بالسوق شاهد بائع (جانرك) فسأله عن سعر الكيلو، ولكن بسبب ارتفاع السعر لم يتمكن من الشراء، وعندما بلغ بيت شقيقته رحبت وأولادها بقدومه كثيراً، وسألته عن الأحوال وأبدت حبها وحنانها له، وبالمقابل فعل ذلك هو أيضاً، وقال لها باللهجة المحلية: «والله يا أختي مريت بالسوق وشفت جانرك وحاولت اشتري كيليين للأولاد بس ما طلع بإيدي.. انشالله يكونو طيبين»، فقالت له: «مافي داعي تعذب حالك يا أخي» فأجاب: «لك خليهون يقرطو»..
يدور حديثنا حول الصرف الصحي النائم بالمزارع، لقد تم إنشاء المزارع في محافظة الرقة عام 1972 وعددها حوالي /15/ مزرعة نموذجية على أراضٍ زراعية مساحتها أكثر من /15/ ألف هكتار وكانت هذه المزارع تابعة سكانياً وإدارياً وبناها التحتية لوزارة الري، وبعد عام 2000 أصبحت بلديات وقرى ووزعت أراضيها بقرارات ارتجالية وعبثية، فصلها الفاسدون على مقاساتهم ولخدمتهم ومن يخصهم، وأصبحت بقرتهم الحلوب، ومنذ بنائها لم يحصل مرةً أن جرى الصرف بشكل صحي حتى اليوم، وكلما تم تشكيل حكومة يأتي محافظ جديد يهرع إليه سكان هذه البلدات يصطفون بالطوابير ويتباكون على واقعهم الخدمي السيئ، ولكن (لا حياة لمن تنادي)، وآخر لقاء كان في قاعة فرع حزب البعث بالرقة، وبحضور كل من أمين فرع الحزب والمحافظ وعضو القيادة القطرية ورؤساء البلديات وفعاليات شعبية ومدير الشركة العام للصرف الصحي بالرقة، وقد وعد مدير شركة الصرف الصحي بأن العمل بتنفيذ مشروع الصرف الصحي سيبدأ بتاريخ 1/4/2011 كحد أقصى، وها قد مضى الشهر الرابع ولا يوجد في السلة بيض وبتاريخ 10/9/2011 التقت صحيفة «قاسيون» المدير العام للشركة العامة للصرف الصحي بالرقة وحاورته حول هذا الموضوع وتبين أن المشروع بكلفة تقديرية /1.6/ مليار ليرة سورية تقريباً، ما يسهل وجود السيولة المادية، وأن المخططات جاهزة ومحطات التصفية أو المعالجة بإشراف شركة كورية، إلا أن الأمر متوقف على حجز الاعتماد المالي.
وظهر أن الإدارة العامة لشركة الصرف الصحي بالرقة كانت قد رفعت إلى الوزارة مذكرة تطلب فيها حجز الاعتماد اللازم لهذا المشروع وتبين أن الأمر متوقف لدى وزارة الإسكان ورئاسة مجلس الوزراء التي بدورها توعز إلى وزارة المالية لحجز الاعتماد اللازم لهذا المشروع، والآن أصبحت السلة في يد كل من وزير الإسكان ورئيس الحكومة فهل يضعون فيها بيضاً أم رماداً؟ أم أن شأنهم سيكون مختلفاً عن شأن سابقيهم من الحكومات سيئة الصيت والسمعة، بحيث سينسجمون مع موجة الإصلاحات الموعودة فيكونون السباقين في إصلاح هذا الخلل الموجود بتجمع سكاني يزيد تعداد سكانه على 100 ألف نسمة تقريباً، وهم بأمس الحاجة لهذه الخدمات. إننا في «قاسيون» نطالب الحكومة ووزارتها المختصة بتسجيد المسؤولية في العمل على التزاماتهم أمام شعبهم وجماهيرهم التي لولاها لما كانوا أصلاً.. ولا نريد من أحد أن يمد يده على جيبه!.