نزار عادلة نزار عادلة

بدءاً من الفساد وانتهاء بالعجز عن اتخاذ قرار.. صورة التخريب في قطاع الغزل والنسيج.. أصبحت كاملة!

خلال عقود ماضية كانت تقام أسابيع لزيادة الإنتاج في شركات القطاع العام من خلال عمل طوعي، تذكرت تلك الحقبة بعد أن اطلعت على واقع الإنتاج الآن في شركات ومؤسسات القطاع العام، المخازين بالمليارات في جميع الشركات والمؤسسات بدءاً من شركة الإطارات التي أوقفتها الحكومة السابقة عن سابق قصد وتصميم، وهي شركة استراتيجية هامة، وانتهاء بقطاع الغزل والنسيج. ولكن لماذا؟

 تقول الأرقام أن ارتفاع المخازين في شركات الغزل والنسيج تعود للأسباب التالية:

ـ ارتفاع التكاليف بسبب عدم تحقيق الخطط الإنتاجية بسبب غياب عمال الإنتاج ونقص العمالة في هذا القطاع.

ـ نقص الكوادر التسويقية الخبيرة في الشركات التابعة.

ـ قدم الآلات الإنتاجية في الشركات صعوبة تأمين التحويل اللازم لتنفيذ المشاريع.

وفي هذا الصدد يقول رئيس الاتحاد المهني للغزل والنسيج عمر الحلو لـ «قاسيون»: المفروض وضع آلية تسويق في جميع الشركات والاتجاه لتسويق الإنتاج للدول الشرقية بسبب الحصار، وإرسال وفود للتفاوض وتجاوز الوضع القائم وهناك نقص في عدد العمالة، وخصوصاً على الآلات الإنتاجية وهذا يسبب خسارة كبيرة ولا يسمح بالتعيين.

 لا قرار

الشركات بشكل عام متعثرة، ولكن لا أحد يستطيع اتخاذ قرار، وقد بلغت قيمة الإنتاج الجاهز والفعلي /16.168988/ مليار ل.س وهناك توقفات تعادل /2.435411/ مليار ولو أضيفت للإنتاج لأصبح معدل التنفيذ /111%/ وهذه التوقفات تعود لانقطاع التيار الكهربائي وتصل الخسارة إلى /94963/ ل.س، وغياب عمال الإنتاج /2240448/ ل.س وهذه خسارات من صنع أيدينا.

 والمخزون..

بلغت قيمة المخزون بتاريخ 31/7/2011 بالأسعار الجارية /13077879/ ل.س، وهي تزيد من بداية العام بمبلغ /28.26091/ مليار ل.س، وأكثر سلعة لا تسوق هي السجاد، وهناك في المخازين سجاد بالمليارات وخصوصاً بعد الانفتاح الاقتصادي، حيث فتحت الأبواب على مصاريعها لاستيراد كل ما هو رخيص وسيئ من جميع بلدان العالم دون رقابة ودون وضع رسوم إغراق أسوة بكافة بلدان العالم لذلك وصلت المخازين إلى هذا الوضع المأساوي.

 مفاقمة المشكلة

تكبر المشكلة وتزداد حدة، أمام عجز الجهات الوصائية عن اتخاذ قرار حاسم، ولكن إذا كانت هناك مقاطعة لإنتاج سورية، وإذا كنا نعجز عن التحويل، وإذا كنا نعجز عن التسويق وإذا كنا نعجز عن تعيين عمال إنتاج. لماذا لا نتخذ قراراً بحل التشابكات المالية في شركات القطاع العام؟

لم أجد جواباً على هذا السؤال. ولكن تعود بي الذاكرة إلى الحكومة السابقة التي أصدرت عشرات القرارات بحل التشابكات المالية لكن دون تنفيذ.

 تشابكات

للشركات ديون على سندس ولمعمل الصوف والسجاد مبلغ /650/ مليون ل.س، ومهمة سندس هي تسويق إنتاج القطاع العام فقد أنشئت لهذه الغاية، ولكن مع اقتصاد السوق أصبحت حرة وهي تتعامل مع القطاع الخاص والسؤال: أين هي الجهات الوصائية من هذه المؤسسات التي شاخت وهرمت وانحرفت عن أهدافها بل وساهمت في إفساد من لم يكن فاسداً؟.. لن نتلقى الجواب!!

 قرارات فقط

مئات القرارات والتعليمات صدرت عن الحكومات السابقة تدعو إلى التكامل بين شركات القطاع العام ولكن دون تنفيذ والسؤال لماذا؟ إنه الفساد الواضح، ولكن دون مساءلة أو محاسبة.

وكمثال على ذلك عمال شركات القطاع العام الذين يحصلون على لباس وأحذية ومعاطف جلدية، وشركات القطاع العام تنتج هذه الأصناف وهي جيدة بشكل عام، وتبلغ قيمة الألبسة العمالية سنوياً مبلغ /2/ مليار ل.س، وإذا استجرت الشركات لعمالها الألبسة والستر والأحذية عن طريق مؤسسات القطاع العام التسويقية زنوبيا وشهرا ووسيم، يعني ذلك تحريك هذه المؤسسات وربح /2/ مليار ل.س وتحصل عليها الآن معامل القطاع الخاص.

ونسأل عن أسباب عدم الاستجرار من العام ويقول الجميع إنه الفساد!.

 بين التفسير والاجتهاد

إذا كان هناك عجز دائم عن اتخاذ قرار بحل قضايا إنتاجية حلها ليس لغزاً أو معجزة، فإن هناك بالمقابل تفسيرات واجتهادات من أجهزة بيروقراطية تتعلق بحقوق العمال تحاول تمييع القضايا من أصلها، ولكي تكتمل الصورة بشكل واضح، وهذا ما يرصده رئيس الاتحاد المهني للغزل بالآتي:

صدر كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 1/9557 تاريخ 7/7/2011 المتضمن موافقة مجلس الوزراء على توجيه لجنة التنمية البشرية بما يخص العمال الموسميين وهذا الكتاب ينص على إعادة استخدام العمال الموسميين مع التقيد بالأحكام المتعلقة بالاستخدام المؤقت وأن يكون الاستخدام حسب الحاجة ومن خلال إبرام عقود اصولية مع مراعاة أحكام مكاتب التشغيل والصك النموذجي الداخلي.

ومن خلال المتابعة مع المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان تبين أن هناك غموضاً غير واضح للجهات التي ارسل لها كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 1/9557 تاريخ 7/7/2001 ونذكِّر أن السيد الرئيس بشار الأسد تحدث مع الحكومة بوجوب إصدار قرارات وكتب واضحة وشفافة وصريحة.

نأمل من رئاسة مجلس الوزراء إصدار كتاب صريح وواضح بما يخص العمال الموسميين العائدين للمؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان ينص:

في حال حاجة المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان إعادة استخدام العمال الموسميين وتوفير الاعتمادات اللازمة وإعطاء هؤلاء العمال الأولوية من خلال إبرام عقود سنوية معهم وتسوية أوضاعهم مع مكتب التشغيل بعد حصولهم على وثيقة قيد عمل واستثنائهم من الدور لكي تتمكن مؤسسة الأقطان من تسوية أوضاع العمال الموسميين بعقود سنوية.

 موضوع آخر

صك الاستخدام النموذجي رقم /547/ تاريخ 7/2/2002 ليس قرآناً أو إنجيلاً، رغم مخاطبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ورئاسة مجلس الوزراء لتعديل المادة /14/ منه التي تحرم العامل الموسمي من الزيادة الدورية، ورغم أن هذا العامل يعمل لأكثر من عشر سنوات أو خمس عشرة سنة، فهل من الناحية الاجتماعية والإنسانية يحق أن يبقى العامل الموسمي الذي اكتسب الخبرة والمؤهل لأن يعمل بالحد الأدنى للأجر دون زيادة على أجره لمدة طويلة؟ علماً أن الفقرة /14/ من صك الاستخدام تحرم العمال الموسميين من الترفيع الدوري وزيادة أجورهم.

نأمل من أصحاب القرار تعديل المادة /14/ من صك الاستخدام النموذجي وإضافة عبارة: «تزداد أجور الفريق الثاني بمعدل ترفيع واحد عن كل /720/ يوم متصلة أو منفصلة لكي لا تبقى هذه الشريحة من العمال محرومة من الترفيع الدوري طيلة فترة عملهم وحياتهم».

بالمقابل: هل من المعقول أن يكون هناك حر وبرد على سطح واحد، وخاصة لتعويض الاختصاص لخريجي المعاهد المتوسطة الفنية والثانويات الصناعية؟ وعلى سبيل المثال فإن أي أثنين من خريجي المعاهد تخرجا في سنة واحدة ومن صف واحد أحدهما توفرت له فرص عمل ما قبل نهاية عام 1985، والآخر توفرت له فرصة عمل بعد شهر أو شهرين من تخرجه، يأخذ تعويض الاختصاص والآخر يحرم من تعويض الاختصاص بسبب عدم توفر فرصة عمل.

نأمل من الاتحاد العام المتابعة مع لجنة القرار /8/ لإعطاء خريجي المعاهد المتوسطة تعويض الاختصاص اسوة بخريجي المعاهد الذين تم تعيينهم قبل عام 1985.

وهكذا فقد اكتملت صورة التخريب في قطاع الغزل العريق في سورية والذي ينهار يوماً بعد آخر والحكومة تتفرج على انهياره ولكن التصريحات تبشرنا بالحلو الآتية قريباً.