تلاحم الأهالي يهزم الإرهاب
استطاع أهالي مدينة منبج، وهم المحاصرون من تنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2014، داخلاً وخارجاً، من أن يكسروا جزئياً طوق الحصار المفروض عليهم من داعش، وإجراءاته التعسفية التي طالت أبناء المدينة، من اعتقالات وإعدامات يومية، مع منع الدخول والخروج، والتحكم بسبل الحياة، بأساليب ترهيبية قاسية وبشعة.
ومع تزايد المعاناة اليومية للأهالي خلال هذه المدة الطويلة، ومع الضغوطات المعيشية من أجل سبل العيش بالمدينة، بوجود هؤلاء المتوحشين، وممارساتهم الإرهابية، فما كان من الأهالي إلا أن زادوا من فاعلية نشاطهم، الأهلي والسلمي، بمواجهة الإرهاب الداعشي، عبر الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة ذات الطابع الأهلي، المتكررة والمتزايدة عمقاً وتوسعاً وزخماً، والتي أثبتت جدواها بنهاية الأمر، حيث استطاع الأهالي، بعزيمتهم ووحدتهم وإصرارهم، من أن يفرضوا كسراً للحصار المفروض عليهم.
إن واقعة هزيمة، أو أقله تراجع، داعش، مهما كان وزنها وحجمها، على أيدي أهالي مدينة منبج، بتلاحمهم وصمودهم، تشرع الأبواب من جديد أمام جدوى وفاعلية الحركة الشعبية السلمية عندما تمتلك زمام المبادرة، بمواجهة المشاريع الإرهابية، وغير الوطنية، لتفرض هامشها الذي يفسح لها المجال لحرية الحركة والتفاعل والمناورة، الأمر الذي يؤكد أن وحدة الصف والتلاحم الشعبي وتحديد الأهداف وصوابيتها، هي من الأدوات ذات الجدوى والفاعلية، إضافة إلى غيرها من الأدوات، حتى بمواجهة عتاة الإرهاب، من أدوات الفاشية الجديدة.
بالمقابل فان هزيمة داعش في منبج الآن، مهما كان حجمها وتوصيفها، لا يعني هزيمتها على طول الخط، خاصة وأن مشغليها ومموليها وداعميها، الإقليميين والدوليين، من الفاشية الجديدة، لن يستكينوا للهزيمة بتلك السهولة، ما يعني ضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل تعزيز التلاحم الشعبي، وتأمين سبل ووسائل الصمود، كما السعي لتوسيع هوامش حرية الحراك السلمي الأهلي، في منبج كما غيرها من المناطق الأخرى، التي لن يطول انتظارنا لنراها تنتفض على داعش، كما على غيرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى، على طول وعرض الجغرافيا السورية، ولتواجه هذه الحراكات بالنتيجة كافة المشاريع المشبوهة وغير الوطنية.
إن الحراك الشعبي السلمي هو أحد الأدوات الحقيقية، المشروعة والفاعلة، التي ستفسح المجال عملياً أمام أفق الحل السياسي الشامل المنشود في البلاد، وهي وحدها من تؤكد عملياً وبالممارسة على وحدة الأرض والشعب.