تقنين الكهرباء وآثاره الاقتصادية.. واقع وحلول
الدكتور المهندس مفيد سليمان الدكتور المهندس مفيد سليمان

تقنين الكهرباء وآثاره الاقتصادية.. واقع وحلول

كلنا يعلم أن مسألة تقنين الكهرباء تضر بنواحي المجتمع كافة، حيث لا الصناعي يستطيع القيام بعمله ولا صاحب المهنة ولا التاجر ولا الطالب ولا حتى سيدة أو ربة المنزل.. لكن ومع الأسف نحن نتعامل مع أمر واقع أحد أسبابه المؤامرة والحرب متعددة الأطرافالتي تشن على بلدنا الحبيب سورية، وسأضيء في هذا المقال على الناحية الاقتصادية لكون الأكثرية لايعلمون حجمها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سأضع الخطوات العملية التي تساعدنا على تلافي أو الحد من عملية التقنين، والتي يجب أن نتبعها جميعاً، وهنا يجبأن أوجه كلمتي للمواطنين السوريين لأنهم بوعيهم فقط يستطيعون أن يساهموا بالحد من عملية التقنين.

 الواقع..

في  الأمور الفنية، إن حمولة الذروة الطبيعية الآن بحدود /8000/ ميغا واط ، ومجموعات التوليد كان باستطاعتها تلبية ذلك لولا الأفعال التخريبية التي تحصل في البلد بأشكال مختلفة، حيث أنه في الآونة الأخيرة اضطرت  وزارة الكهرباء لتقنين حوالي /2000/ ميغاواط يومياً لمدة عشر ساعات وسطياً، وربما يستمر هذا التقنين في فصل الشتاء كوننا الآن في بدايته فقط.

إن عملية تقنين كيلو واط ساعي واحد تسبب ضرراً في اقتصاد البلد بحوالي عشرة أضعاف سعر مبيعه أوتكلفته، حيث يكلف حوالي سبع ليرات سورية دون حساب دعم الحكومة، ويكلف حوالي عشر ليرات إذا حسبنا كمية الدعم، أي أنه عندما تنقطع الكهرباء عنمعمل لا نقول إنه قد خسر فقط بقيمة الكهرباء التي كان سيستجرها، وكذلك حال صاحب المحل التجاري عندما تنقطع الكهرباء عن محله لمدة ست ساعات، وذلك لأنه لايستطيع البيع طوال تلك الفترة، وكذلك في المنزل فسيخرب الطعام والمواد الموجودة في الثلاجةوهكذا...

وحسب الإحصائيات العالمية فإن مردود الكيلو واط الساعي في معظم المعامل والمصانع يتراوح مابين /40/ إلى /80/ ضعفاً عن سعر شرائه أومبيعه، فعلى سبيل المثال نورد مردود الكيلو واط الساعي لبعض المعامل والمصانع من خلال الإحصائيات والدراساتالعالمية:

ولكن وكمعدل وسطي بين الصناعي والتجاري والمنزلي، تحتسب قيمة خسائر الكيلو واط الساعي الواحد جراء التقنين بعشرة أضعاف قيمة تكلفته وذلك كحد أدنى في جميع أنحاء العالم... ولكنني في دراستي هذه سأعتبر أنها عندنا في سورية فقط خمسة أضعاف قيمةالتكلفة، أي أن الخسارة الناتجة عن تقنين كل واحد كيلو واط ساعي هي خمسون ليرة سورية فقط بدلاً من مئة ليرة، وهنا سنحسب الخسارة اليومية عند تقنين /2000/ ميغا واط لمدة عشر ساعات في اليوم  أي أن القيمة ستكون:

/2000x100x10x50= 1000000000/ ليرة سورية أي واحد مليار ليرة سورية

فخلال شهر واحد  تكون خسارة البلد ثلاثون مليار ليرة سورية، هذا المبلغ كبير ولكنه حقيقة، والمهم في الأمر هو أنه بتعاوننا يمكن أن نلغي هذه الخسارة والتي ستعود بالنفع والفائدة لكل فرد منا.

في الخطوات التي سنتبعها يمكننا أن نقلص استهلاكنا من الكهرباء بقيمة تزيد على (2000) ميغا واط، وبحيث لايوجد تقنين فعلي، حيث سيعمل التلفاز والأنارة فقط، والبراد والأعمال الضرورية أيضاً، وسيدرس الطالب مرتاحاً، وربة المنزل ستقوم باستخدام الكهرباءبالشكل المناسب والضروري.

 

الحلول..

أولاًعدد سكان سورية حوالي 24 مليون شخص، إذا اعتبرنا أن كل منزل يضم ستة أشخاص كمعدل وسطي، فهناك أربع ملايين منزل نظرياً، سأعتبر أنه فقط في ثلاثة ملايين منزل توجد غسالات، أي يوجد ثلاثة ملايين غسالة، وأن معدل استطاعة الغسالة الواحدة1,5 كيلو واط، وأن الأسرة تستخدم الغسالة كل ثلاثة أيام لمرة واحدة، ولمدة ساعتين فقطحسب برنامج الغسالات.. أي يوميا عندنا مليون غسالة تعمل، واستطاعتها الإجمالية /1500/ ميغا واط، فإذا اعتبرنا أن كل غسالة تعمل ساعتين والتقنين عشر ساعات فيجب أننقسم على خمسة، أي أنه وبسبب الغسالات فقط ترتفع الذروة /300/ميغا واط كحد أدنى، وهنا على سيدات المنازل أن يعلمن أنه فقط عندما يؤجلن تشغيل غسالتهن لبعد الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى الثامنة أو التاسعة صباحاً فأنهن قد حققن عدم تقنين /300/ ميغاواط، أي أنهن وفرن على البلد حوالي /4,3/ مليار ليرة سورية شهرياً، وهذا المبلغ يمكن أن يساهم في توظيف أبنائهن أو تعليمهم أو غير ذلك.

ثانيا:  يوجد وكحد أدنى أربعة ملايين منزل وأكثر من مليون محل تجاري مع مكتب هندسي أو عقاري أو محاماة أو عيادة طبيب أو صيدلية.. ولا يوجد منزل إلا وتوجد فيه أجهزة تدفئة كهربائية، سواء أكان مكيفاً أو سخانات أومدافئ كهربائية أو غيرها... وكل هذهالأجهزة يمكن تعيير استطاعتها، فإذا كانت استطاعة الجهاز الواحد فقط واحد كيلو واط، فيمكن أن نخفضها إلى نصف كيلو واط، والمطلوب من المواطن هو ألا يشغل أجهزته بكامل استطاعتها، بل بنصف أو ربع استطاعتها قدر الإمكان.

إذاً وكحد أدنى يوجد عندنا خمسة ملايين جهاز تدفئة استطاعة كل واحد منها كمعدل وسطي  لاتقل عن واحد كيلو واط، أي إن مجموع استطاعتها خمسة آلاف ميغا واط، فإذا خفضنا الاستهلاك خمسة وعشرين بالمائة فقط فإن ذلك يعني /1250/ ميغا واط، وهنا لاأستثني المباني الحكومية وأبنية النقابات وأصحاب المصانع وغيرها.. كلها يجب عليها أن تشارك بعملية تخفيض استهلاكها.

إذا كما لاحظنا أننا وبسهولة يمكنا أن نلغي التقنين ولو كان أكثر من /2000/ ميغا واط، وذلك بتعاوننا وتفهمنا لتنفيذ التعليمات وهي بشكل مبسط:

ـ تشغيل الغسالات بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى الساعة الثامنة أو التاسعة صباحاً.

ـ استخدام أجهزة التدفئة الكهربائية باستطاعتها الدنيا وحسب الضرورة فقط.

ـ عدم استخدام الإنارة الخارجية والتزينية غير الضرورية.

ـ تأجيل استخدام سخانات المياه الكهربائية من أجل الاستحمام قدر الإمكان إلى يوم الجمعة.

ـ التوجيه إلى مؤسسات المياه ألا تشغل مضخاتها قدر الإمكان إلا خارج أوقات الذروة، أي من الساعة الحادية عشرة مساء وحتى الساعة  الثامنة أو التاسعة صباحاً، لأن استهلاكها كبير، فمثلا في طرطوس يشكل هذا الأمر نحو %10 من استهلاك المحافظة.

ـ أنارة الشوارع يمكن تخفيضها ضمن دراسة محددة، لأن الشوارع تستهلك كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية.

ثالثاوهذا يتعلق بوزارة الكهرباء؛ إن وزارة الكهرباء تستطيع مراقبة  التقيد بتخفيض الاستطاعات، وذلك من خلال تخفيض عيار القواطع الآلية بالنسبة التي تراها مناسبة، أي ما بين /25/ إلى /%30/ من حمولة ذروتها.

 في هذه الحال يجب ألا نفصل خط العشرين كيلو فولط  كاملاً، بل عند تعيير القواطع الفرعية لمراكز التحويل، أي قاطع كل مخرج بمفرده فإنه تتم معرفة الشارع الذي لم يتقيد بتنفيذ التعليمات وستنقطع عنه الكهرباء بمفرده، وهذا  عندما تشكل لجان في كل حي ويكونفي كل شارع شخص موثوق ومعروف يكون مسؤولاً عن التقيد بالتعليمات، سيقوم بدوره في تنبيه سكان الشارع والأبنية المسؤول عنها فيتم التقيد بذلك.

هذه العملية ستكون غير دقيقة خلال الأسبوع الأول، وربما الأسبوع الثاني، ولكنها بعد ذلك ستصبح ناجحة لأنه كما يقول المثل (كل  بداية صعبة).

رابعا : على وزارة الكهرباء أن تصيغ هذه التعليمات بشكل مناسب وتقوم بعرضها وإذاعتها على محطاتنا الإذاعية والتلفزيونية عدة مرات يومياً قبل أو أثناء النشرات الإخبارية ، ليتذكر المواطن الكريم باستمرار.