حكومة الوحدة الوطنية.. وقفة متأنية
م.عصام زغلول م.عصام زغلول

حكومة الوحدة الوطنية.. وقفة متأنية

طرحت بعض رموز المعارضة السورية حلولاً سياسية لإنهاء الأزمة التي ترزح تحتها البلاد منذ سنة إلا قليلاًوكان من آخر ذاك.. فكرة مفادها تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطياف السورية من أحزاب معارضة وموالية ورموز مستقلة.

ولعل هذه الفكرة كانت حتى وقت قريب مستهجنة من قبل النظام الذي تفرد بالسلطة طيلة عقود خلتولم يتخيل في وقته ذاك أن يأتي خصوم سياسيون له فيشاركونه قيادة البلاد.. إلا أن الأزمة الوطنيةوالديمقراطية التي بدأت تفرض نفسها بعمق الجراح والدماء السوريةلعبت لعبتهاأضف إليها تأزم الأزمة واحتمالية ذهابها إلى دهاليز قد لا يحمد عقباهافحدا ذاك ببعض المحللين السلطويين – والذين عادة ما نستقرئ آراء النظام من بين كلماتهم – أن أيدوا، ثم باركوا، ثم دعوا إلى حكومة الوحدة الوطنيةثم تتالت القراءات السياسية التيأنبأت بقرب تشكيل مثل تلك الحكومة!.

ولعل البعض يرى في تشكيلها – إن حازت ما أريد لها من صلاحيات – بشرى بقرب نهاية الأزمةوتوزيعاً - لا انتقالاً - للسلطةقد يساعد في تسريع إحلال الديمقراطية محل نقيضهاوطغيان الحل السياسي على الأمني!.

أما السؤال الذي يطرح نفسه بقوة فيتجلى في مدى قبول الشارع لمثل تلك الحكومةومدى قبول أطياف المعارضة المتنوعة للمشاركة فيهاثم مدى حجم الحقائب التي ستحظى بها المعارضة أو التي قد يقبل النظام التخلي عنهاوقبل كل شيء مدى قدرة هذه الحكومة علىتحقيق مطالب الشارع..

ولاشك أن هذا الأخير هو الأهمفهل ستستطيع الحكومة المعارضة – التي تعتلي صهوة الكراسي لأول مرة في تاريخها – إيقاف العنف والقتل الجاري كل يوم؟ وهل ستستطيع البت بملف المفقودين والمعتقلين والمبعدين والجرحى والشهداء؟ وهل ستستمد صلاحياتها منالدستور والقانونأم من السلطة القائمةأم من الشارع إن آمن بها؟!

هل سيحكمها الدستور القائم وقوانينه أم ستنتظر إقرار الدستور الجديد المأمولوالذي سيمنحها صلاحيات استثنائية باعتبارها حكومة استثنائية في ظرف استثنائي - كما وصفت -؟!

هل ستستطيع المعارضة الخارجية أن تشارك إن رغبتأم إنها كما قيل عنها ستبقى من صنف المعارضة غير الوطنيةفيما سيوقع خلافات أعمق مما كانت بين صفوفهاأم إنها قد تدعى إلى الداخل مع الضمانات الكافية لتحقيق أمنها؟!

هل فعلاً ستقر حكومة الوحدة الوطنية – إن استطاعت – حرية التظاهر السلميوهل سيكون بين أعضائها من قد ينزل إلى الشوارع بدل أن يقبع في المكاتب كسالفيهوهل سيكونون وزراء خلاقين حقاً أم مجرد موظفين يكتفون بتنفيذ خطط موضوعة؟!

هل سيلقي النظام بأعبائه الاقتصادية على عاتق تلك المعارضةثم يلقيها وسط معمعة خلقها بسوء سياسة اقتصادية رسخها من خلال فاسدين سابقينوهل ستستطيع المعارضة إن قبلت بتلك الورطة انتشالنا مما وصلنا أو قد يصل إليه اقتصادنا في أيام قادمات؟!

وماذا عن محاسبة كل من ضرب وقتل وانتهك؟ فهل تلك معضلة أخرى؟!

تلك تساؤلات بسيطة طرحها بعض أبناء الشارع الساخن البسطاءفي حين أن هناك العديد من التساؤلات القانونية والسياسية والعسكرية التي قد تطرحكل ذلك تم قبل أن يذكر السيد وزير الخارجية السورية مسمىً جديداً عنوانهالحكومة الموسعة.. التي قال إنهمسيضمون إليها المستقلين؟؟!! فأعادنا بعد شهور من العمل - وبكلمة واحدة - إلى نقطة الصفر!.

وما بين الحكومة الموسعة بغموضها وبين حكومة الوحدة الوطنية التي حللنا عسير معناها بشق الأنفس بتنا حائرينفحتى حينه وإلى أن يتم توضيحه سنبقى مترقبين!! ولكن هل سيصبر مَن في الشارع وإخوته أو أبناؤه المعتقلون؟!