طريق الموت مرة أخرى في البوكمال
ما أرخص الإنسان عند قوى الفساد الكبير، وما أهون موته عند أولئك القائمين على شؤون الوطن ومواطنيه، فكم هي المرات التي طالبنا بها نحن وغيرنا أن نخفف من الفواجع والحوادث المرورية التي تحصل على الطريق الواصل بين حلب والبوكمال ودمشقوالبوكمال، والتي تكاد أن تكون متكررة على مدار اليوم؟
آخر فاجعة حدثت منذ أيام قليلة راح ضحيتها ثلاثة أشخاص فارقوا الحياة، وأكثر من عشرة مازالوا في المشافي، حالات بعضهم خطيرة ويعانون ما يعانونه. هؤلاء الذين فقدوا حياتهم كان أطفالهم ينتظرون عودتهم بفارغ الصبر حالمين بالحصول على ما أوصوهم عليه،فلم يحصلوا لا على هداياهم ولا على أبائهم.. أما أولئك الجرحى حيث أطفالهم لم يعاودوا الحلم مرة أخرى بمثل هذه الهدايا. والسؤال هنا؛ كم هي الوعود التي قطعتها لنا الحكومات المتعاقبة بأن هذين الطريقين سيكونان ضمن الخطة المقررة الخمسية والعشرية وحتى لمتوضع بالخطة المليونية؟ وما المانع من أن ينفذ مثل هذا المشروع طالما لا تعترض تنفذيه أية معوقات طبيعية؟ فالصحراء واسعة وقاحلة، إلا إذا كان أحد الفاسدين الكبار وضع يده عليها وطوبها باسمه من البوكمال إلى دمشق أو حلب، وهذا ليس بالمستغرب في ظلاستشراء الفساد وامتداده على كل مفاصل الحياة.
ليس التوزيع غير العادل للدخل الوطني سبباً مهماً من أسباب الأزمة السورية الحالية وحسب، بل أليس التفاوت الموجود في الخدمات أو تلك شكلاً من أشكال سوء التوزيع؟ أليس هذا التفاوت سبباً يضاف إلى الأسباب الكثيرة التي أشعلت الأزمة؟ فهل المقصود من هذهالحكومات العتيدة المتلاحقة القضاء على أهم ثروة وطنية إلا وهي الإنسان، بعد أن قضوا على باقي الثروات؟ هل تعلم هذه الحكومات ماذا يعني لو نفذ هكذا مشروع بالنسبة للمواطن؟ إن من شأنه اختصار مئات الكيلومترات وبالتالي تخفيف عناء السفر عن المواطنين،وأولاً وأخيراً سيحافظ على حياة البشر، إلا إذا كانت هذه الحكومات لا يهمها حياة البشر، ناهيك عن أنه سيقلص الزمن للمريض والعجوز والطالب والعسكري، أم أن الزمن مباح عند حكوماتنا؟!
أعتقد ذلك بل وأكاد أؤكده!.