!!أطباء، ممرضون، إهمال.. تودي بحياة البشر
العمل الجراحي ناجح.. هذا أقصى ما استطعنا استخلاصه من فم الطبيب الذي لا يفتح إلا بمعاملة حكومية من الطراز العتيق، ثم تابع مسيره العاجل إلى عملية أخرى، فأرواح الناس تنتظره في مشفىآخر! وهذه نقطة أولى.
الممرضون- ملائكة الرحمة- قصة أخرى، فلا يتحرك واحدهم إلا أن (ترشرش) بعض المال، كما يقول مرافق المريض المجاور لنا، وكأننا في مكان تعرفونه جيداً لا بمشفى خاص، يستنزف من جيبكما تملك وما لا تملك.
ولك أن تتخيل أن محاولة الحصول على بطانية لتدفئة المريض اقتضت منا عدة مناورات وأخذ ورد، وعلى مدار عدة ساعات!
الأطباء المشرفون على الحالة لا يأتي واحدهم إلى الغرفة إلا كماضٍ إلى الهيجاء يلقى حتفه، ولا يبادر الطبيب بواجباته إلا أن تستجديه مرة تلو مرة، وبعضهم لابد أن تملي عليه ما يجب عليه فعله!
تأتي المحاسبة عاجلاً بفاتورة عليها عديد الأصفار، وتستنهضك للخروج كيلا تتكاثر الأصفار عليك مرة أخرى..
تم الدفع المالي، ثم دفعونا للخروج دفعاً مع عدم قناعة بعضنا بصحة الوالد المتدهورة، قبيل الخروج وبعد أن تم تطميننا تطميناً تاماً أن الوالد قد تعافى، تدهورت سريعاً قدرات الوالد على الاستجابةوأغمض عينيه مستسلماً لقدره، فهرعنا بطلب الطبيب، وريثما أتى، ربت على كتفيه واثقاً وأخبرنا أنه نائم بسكينة، خذوه بهدوء إلى المنزل ليرتاح، وأكد بنظرته الثاقبة لا بفحصه السريري أن أمورهبخير تام، لكن أخي الذي لم يدرس الطب العلمي ولا العربي رفض إلا أن يفحصه طبيب اختصاصي!
وكالعادة الطبيب الاختصاصي لا بد أن تطلبه من خارج المشفى و(حسابو براني)، جاء الطبيب بالفعل، وأمر بتصوير رنين سريع، وأكد ما قاله الأطباء العلماء الفهماء المحترمون، لكن بفارق بسيط، أنهبين الحياة والموت ولابد من عملية إسعافية عاجلة.
دخلنا العمليات... والوالد منذ تلك العملية لم يستفق حتى ساعته، والمشفى الرحيم عزا ذلك لا لعدم تجاوب الأطباء الاختصاصيين، ولا لإهمال الأطباء المشرفين، ولا لسلبية الممرضين الملائكيين، ولكنلانتكاسات قدرية إلهية أو لمؤامرة خارجية، وبما أننا مؤمنون فلابد أن نسلم لقدر الله!
أقص على حضراتكم هذه القصة لا لأستجلب عواطفكم من غضب أو مواساة، ولا لأحاسب المشفى وإدارته وأطباءه وممرضيه، فأنا الأقدر على محاسبتهم من خلال القضاء- وسوف يحصل- ولكنلأتساءل: إلى متى ستبقى نظرة الأطباء إلى المريض وأهله على أنهم سلعة، وأنهم مال يمشي على الأرض، لا أرواح ودماء وعواطف، وبشر يجب احترامهم؟!
إلى متى ستبقى المشافي الخاصة عبارة عن فنادق خمسة نجوم، وليس لها من النجوم الخمسة إلا أسعارها المحلقة في السماء، وتبقى دون الرقابة الحكومية والقضائية المطلوبة؟!
إلى متى ستبقى هؤلاء الممرضات يشبهن إلى حد كبير- مَن يرشرَش عليهن- حتى يؤدين عملهن المطلوب منهن؟!
أسوأ ما قاله الطبيب الاستشاري: إن اللحظة، مجرد اللحظة كانت ستؤثر في إنقاذ حياة الوالد، في حين تأخرت العملية الإسعافية ساعات بسبب جهل وإهمال وسوء تصرف الأطباء وإدارتهم!
قصصت القصة على كثيرين، فما تركني واحد إلا قص عليّ أخرى حصلت معه في ذات المشفى أو في غيرها، ولم أكتب كلماتي هذه إلا وقد وقع في ذات المشفى (عدة علقات) بين رفاق المرضى وبينالإدارة، فيا ترى: هل ستتكرر حالة الوالد مع غيره؟!