برسم وزارة الصحة.. مشفى القامشلي الوطني إلى هيئة عامة... أم إلى الأسوأ؟!
من خلال رصدنا لأراء العاملين في القطاع الصحي نجدهم يستبشرون خيراً عندما يتم تحويل مشافيهم الحكومية إلى هيئات عامة، لأن الموضوع يتعلق بالتخلص من الروتين القاتل الذي يعيق سير العمل في المشفى، ويساهم لاحقاً بتطور المشفى وتحسين الخدمات الطبية التي تقدمها إلى المرضى، هذا هو كلامهم بشكل عام، أما عندما يتعلق الوضع بمشفى القامشلي الوطني فالواقع مختلف تماماً، بل على عكس ما ذكر آنفاً يتوجس العاملون لمجرد ذكر الفكرة.
وفي تجوالنا في مشفى القامشلي الوطني، حاولنا الالتقاء بعدد من الكوادر الطبية والفنية والإدارية بالمشفى، ورصدنا آراءهم بهذا الموضوع، فتبين أن هناك شبه إجماع على حالة تخوف شديد على حال المشفى بعد صدور قرار تحويله إلى هيئة عامة، والذي بالفعل تم العمل به منذ بداية العام، ويقول العاملون إن إدارة المشفى في الفترة المنصرمة كانت عاجزة عن حل المشاكل التي واجهتها (وهذا ما عرضناه سابقاً على صفحات جريدتنا ولا داعي لعرضه مجدداً).
فكيف سيكون حالها في مواجهة المشاكل الجديدة وهي هيئة عامة وتتحمل المسؤولية وحدها بعيدة عن تأثير مديرية الصحة؟.
في حديثنا مع الأطباء همسوا لنا قائلين: إن الإدارة تنظر نظرة عدائية تجاه الأطباء، وبالأخص مدير المشفى، فكأنه يشعر بأن هذا الكرسي الذي يجلس عليه يمكن أن يطير ويكون من نصيب أحدهم، ويبدو أن هذا المدير مقتنع بأن المناصب في هذا البلد تكون على أساس الولاءات وليس الكفاءات.
هذه النظرة خلقت حالة من التضييق على الأطباء من الإدارة، وذلك بنيّة تطفيشهم، وهو ما يحدث بالفعل، فأطباء قسم الداخلية يغادرون المشفى، فمنهم من قدم استقالته ومن قدم طلب نقله إلى المستوصفات، ومنهم أيضاً من يقدم إجازاة بلا راتب لفترات طويلة ريثما يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض.. والوضع ببساطة يسير نحو الكارثة، خاصةً إذا علمنا أن المشفى يشكو من نقص شديد في أعداد الأطباء المقيمين، وخاصة قسم الداخلية.
التقينا بعدد من المرضى بعد خروجهم من قسم التفتيت، فوجدنا أن منهم من تعرض لأكثر من ثلاث جلسات تفتيت، ويقولون: تهتز جبال طوروس ولا تهتز رملة واحدة من حصياتهم. حاولنا أن نفهم السبب والذي عرفناه بعد جهد شاق؛ الموضوع يتعلق بتغيير رأس الجهاز الذي انتهت فعاليته، وصار بحاجة إلى استبدال، أما لماذا لم يتم ذلك حتى الآن؟.. فالجواب عند مدير المشفى!.
وأثناء التجوال في المشفى، سمعنا صوتاً مدوياً وجدنا شاباً يحمل طفلة سألناه عن سبب صراخه، فأجاب (وهو يشتم من في المشفى من أصغرهم إلى أكبرهم): هذه أختي الصغيرة وقد خرجت للتو من غرفة العمليات في القبو، ولأن المصاعد معطلة تجدني بهذه الحال.
أما لماذا المصاعد معطلة؟ فالجواب عند المدير أيضاً!.
أحد الأطباء يقول: تصور لدي موافقة وزير الصحة للتعاقد مع المشفى والمدير يعرقل ويماطل، ويتراءى لي أنه يرفض بحجة أنه «لا يوجد اعتماد مالي»!.
هذا غيض من فيض، وكما يقولون فإن المخفي أعظم..نضع كل ما سبق برسم وزير الصحة.