«...ما لقيت حدا يردني»..! - رفع أسعار الخليوي بنسبة 55%
تصل عمليات الرفع المتعمد للأسعار إلى مستوى غير مقبول من الاستفزاز، وتحديداً عندما تأتي من القطاع الأعلى ربحاً واحتكاراً في سورية أي قطاع الاتصالات الخليوية، الذي تتحكم به شركات، بخمس ملاك كبار قد يكونوا حقيقيين أو وهميين، كما هو العرف في سورية عندما يختبئ كبار السوق وراء واجهات من (رجال البيزنس)!
أعلنت شركات الاتصالات الخليوية رفعها لأسعارها اعتباراً من 1-6-2016، والرفع الذي أصبح سنوياً، يأتي في العام الحالي، بنسبة أعلى من رفع الأسعار في نيسان 2015. حيث تبلغ نسبة الارتفاع الوسطية الحالية 55%، بينما كان الارتفاع الوسطي في 2015: 30%.
الشركات تقول أن الرفع ضروري (لاستمرار عمل شبكات الخليوي)، ولذلك فإن الشركتين «تصححان أسعار تعرفة الخليوي»، كما «صححت» القرارات الليبرالية أسعار المحروقات، والكهرباء، والخبز، والسكر، والأرز، والخدمات العامة كافة..
يعتبر قطاع الخليوي قاطرة الاتجاه الليبرالي في سورية، ففيه تمت عملية التشاركية منذ أكثر من 15 عام، قبل إقرارها بمرسوم في العام الحالي، وفيه تتمثل عملية التمركز والاحتكار بأوضح تجلياتها، حيث الدخل السنوي الوسطي لواحد من الخمسة الكبار في القطاع يعادل الدخل السنوي الوسطي لـ 14 ألف سوري، من أصحاب الأجور.
ومنه أيضاً نستطيع أن نعرف (نوايا التشاركية) ونسقط حججها، فهم يقولون أن التشاركية هي مجرد مشاركة في الإدارة والتمويل، وتعود الملكية للدولة لاحقاً. ليوضح قطاع الاتصالات أنه من الممكن بكل بساطة تكييف العقود، وتغيير الالتزامات، فيتم ترخيص الشركات للشركاء، في الوقت الذي يجب أن تعود الملكية للدولة في عام 2016. واكتفت الدولة بمبلغ تعويض لا يتجاوز 50 مليون دولار لكل شركة، عوضاً عن 1 مليار دولار كانت مطروحة في عام 2010.
محتكرو قطاع الخليوي يحصلون على إعفاءات ضريبية عن ثلث أرباحهم، ويربحون جزءاً هاماً، من تغير سعر صرف الدولار، أي من تراجع قيمة الليرة، وتزداد أرباحهم خلال عام بنسبة 65% بينما لا تزداد ضرائبهم إلا بنسبة 9%، ويدفعون للدولة أقل من حصتها المنصوص عليها قانونياً، ويدفعون للعاملين لديهم أجور لا تتجاوز 8% من الدخل الذي يحصلون عليه، ويفرضون أسعاراً احتكارية، هي الأعلى في المنطقة قياساً إلى الحد الادنى للأجور في سورية، وغيرها من الممارسات النموذجية للمهيمنين على قطاع سيادي يجب أن يدار من قبل المال العام وجهاز الدولة.
اليوم لا يخجل هؤلاء أن يقولوا أنهم مضطرين لرفع الأسعار (لاستمرار شبكة الخليوي)، وهذا هو القانون الموضوعي للنهب الذي يقول بأن من يحصل على ربح سهل وسريع وبنسب مرتفعة لا يتوقف عند حد، حتى لو هدد التمادي وجوده، ووجود البلاد التي ينهب مواردها..
هناك حل وحيد لإنقاذ سورية من أزمتها الاقتصادية العميقة، وللمحافظة على كيان الدولة من تهديد الانهيار الاقتصادي، وهو السحب من القلة الرابحة في سورية التي تصوغ وتمرر سياسات رفع الأسعار، والصب لمصلحة الأجور وعموم السوريين، وبناء البلاد، لا الثروات. وهذا الحل سيفرض نفسه، ويضع الحد الموضوعي لمستغلي السوريين، عندما تبدأ الحلول السياسة بسحب البساط من تحت هؤلاء الذين يتوعدهم الناس بالحساب والعقاب، وترتعد فرائصهم من التغيير القادم..
قاسيون