!بيضة ديك.. ورغيف
وسيم الدهّان وسيم الدهّان

!بيضة ديك.. ورغيف

يبدو أن حوادث «القصف» بالبيض لن تعاود الظهور إلى وسائل الإعلام مرةً أخرى بعد الآن، على الأقل في الفترة القصيرة اللاحقة، وذلك طبعاً لا يعود لكون «متلقّي الضربات» لم يعودوا يستحقونها بنظر «مسدّدي الضربات»، وإنما لأن سعر البيضة وصل فيأسواق دمشق إلى سبع ليرات كاملات بصفارهن.. وكأن البيضة ذهبيةٌ، أو أنها بيضة ديك!.

أزمة البيض هذه، وهو غذاء الفقراء حسب وصف البعض، لم تأت من فراغ، فالسياسات الاقتصادية «المخفوقة» خلال السنوات الست الماضية خلّفت كوارث لا تعد ولا تحصى، وليست كارثة التذبذب في وصول الأعلاف إلى مربي الدواجن أو تذبذب أسعارالأعلاف بعصيّة على الوقوع في ظل سيطرة الفساد على خطوط الشحن وعقلية مسيري قوافل الاستيراد، ولكنها أيضاً ليست القشة التي قصمت ظهر آكلي البيض، فالاستعصاء الذي شهدته عمليات استيراد الأعلاف (بعد تدني إنتاجها محلياًدفعت بالمربين إلىذبح قطعان الدواجن التي كاد إطعامها يكلفهم «بقرات جحا» كلها، فجاءت النتيجة اليوم ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار منتجات الدواجن بشكل عام، وفي أسعار البيض بشكل خاص، وذلك بسبب انخفاض العرض بما لا يتناسب أبداً مع الطلب المرتفع، ولا يلبيه إلاّجزئياً وبجودة منخفضة أيضاً، ويحكى أن بيضة الديك تتحلى بهذه المواصفات!.

وقد وصل سعر صحن البيض في أسواق دمشق حتى تاريخ إعداد هذه المادة إلى 205 ل.س (الصحن يضم 30 بيضة)، وهو ما يعني أن ثمن البيضة قارب بشكل مخيف ثمن رغيف الخبز، وهو ما سيدفع بالمواطن عما قريب إلى الترحم مليّاً حتى على ذكرىباعة الـ«بيضة ورغيف»، الذين سيصبحون أسطورة بالفعل، إذ قد لا تنجب البلاد من أمثالهم في حال استمرار الفساد وسوء التخطيط والاحتكار سادةً في عالم المواد الغذائية الأساسية والضرورية لكل إنسان!.

قد يسأل سائلهل سيتحول «الضرّيبة» لاستخدام البندورة ضد أهدافهم في الأيام المقبلة؟ الإجابة موجودة في السوق أيضاً، وهي أقرب إلى النفي الحاسم، فسعر كيلو البندورة دانى مؤخراً وبكل فخر حاجز الـ40 ل.س، وهو ما سيحرم الفقراء من أكلة الـ«جظمظ» مثلما حرمهم سابقاً من «المجدرة»، وكذلك كما في البيض، ستجد في وزارة الاقتصاد والتجارة من يعصر مخّه ليبرئ مديرياتها من المسؤولية تجاه ضبط السوق وأحوالها، وقد يسمعه أحد ما يقول: «كلّ الحقّ عَ الأمريكان»، مشجعاً ربما على قذف المزيدمن البيض والبندورة.. ولكن كالعادة في الاتجاه الخطأ!.