قطاع التعليم بين الحرب والخصخصة

قطاع التعليم بين الحرب والخصخصة

تركت الأزمة التي تمر بها البلاد تاثيرات كبيرة على قطاع التعليم المنهك أصلاً، حيث تشير التقارير والأرقام المنشورة إلى أرقام مرعبة تتعلق بهذا القطاع.

ورد في أحد تقارير اليونيسيف على سبيل المثال « بينما كانت نسبة التحاق الأطفال بمدارس التعليم الأساسي قد وصلت عام 2011 إلى 90%، وقد كان ذلك المعدل هو الأعلى على مستوى البلدان العربية، فإن  هذا المعدل قد تراجع بشكل كبير في ظروف الحرب، مشيراً إلى وجود مليوني طفل باتوا خارج العملية التعليمية، وأن نصف أطفال السوريين بالخارج باتوا كذلك خارج العملية التعليمية، كما لم يكن أمر التعليم الثانوي بعيداً عن واقع ذاك الحال».

والسبب المباشر بذلك هو أهوال الحرب والنزوح واللجوء وتدمير البنى التحتية التعليمية من مدارس وغيرها، وهجرة الكثير من الكفاءات التدريسية.

الحرب ليست السبب الوحيد

وإذا كانت ظروف الحرب قد تركت مثل هذا التأثير، فإن هذا القطاع ومنذ ما يقارب عقدين من الزمن، مثله مثل غيره من القطاعات في سورية كان يتراجع عاماً بعد عام، حيث تجلى ذاك التراجع في جوانب مختلفة، بدءاً من تدني مستوى مخرجات العملية التربوية التعليمية، إلى تخلف المناهج وطرائق التدريس، وتراجع كفاءة الكادر الإداري والتعليمي، وصولاً إلى التزايد المستمر في عملية التسرب من مختلف مراحل التعليم في البلاد، حيث وصل في بعض المحافظات الشرقية والشمالية إلى مستويات خطيرة وخصوصاً في المناطق الريفية، يمكن أن تؤدي إلى وجود جيل أمي هناك في السنوات اللاحقة.

ولعل أبرز تجليات تراجع التعليم الرسمي، هو دور ذلك القطاع التعليمي الذي ولد في الظل وبشكل جزئي في البداية إلى جانب التعليم الرسمي، متجسداً بالدروس الخصوصية في مواسم محددة ليتسع شيئاً فشيئاً حتى يتحول إلى قطاع متكامل يمكن تسميته بالقطاع الخاص في التعليم، والذي شمل مختلف مراحل التعليم في البلاد، وصولاً إلى نسف مبدأ ديمقراطية التعليم ومجانيته فالتنامي المطّرد لدور القطاع الخاص هو دليل قاطع على تراجع التعليم الرسمي رغم كل الأرقام الوهمية، والإنجازات المدونة على الورق التي تصدرها المؤسسات المعنية الرسمية في البلاد، كل عام عن إنجازاتها؟!

ناهيك عن تأثير الدور السلبي المباشر للسياسات الاقتصادية الاجتماعية، في العملية التربوية التعليمية وخصوصاً ما يتعلق بالخريجين الجدد، حيث وجد آلاف مؤلفة من خريجي بعض الكليات والمعاهد المتوسطة أنفسهم في سوق البطالة بعد أن أفنوا زهرة شبابهم على مقاعد الدراسة والتحصيل العلمي، ليطرح امامهم سؤال مشروع، «ما فائدة الشهادة إذا كان لاتؤمن فرصة عمل و لقمة خبز»؟؟؟

إن الأسباب المزمنة، وتكاملها مع الوقائع التي أفرزتها الحرب وتأثيراتها متعددة الجوانب على هذا القطاع، يفرض أن يكون قطاع التعليم على سلم الأولويات باعتباره أحد القطاعات الأساسية الاستراتيجية التي يتوقف عليها مستقبل البلاد.