الماء في قطنا... عدم اكتفاء وأزمة صحية!
بظل أزمة الحرب في سورية، وعلى أنغام الموت، أصبح البقاء حياً ليوم آخر هو بحد ذاته إنجازاً، وفوق كل هذا يأتيك نقص الخدمات للمواطن، فتكون العصّة على قبر الأحياء، فتكسر ظهورهم كالقشة التي تكسر ظهر البعير، فمشكلة المياه في سورية تتفاقم يوماً بعد آخر من إنقطاع إلى عدم اكتفاء... إلخ.
وفي ريف دمشق زد على المشاكل السابقة، عدم الرقابة على جودة المياه وصلاحيتها للشرب، مثلا مدينة قطنا في ريف دمشق عانت من تسمم معظم أهلها في الشتاء الماضي دون أن يعلم أحد بهذه الكارثة الإنسانية، بسبب المياه الملوثة حسب ما أكد أهالي قطنا.
معاناة مغيبة
«ماري» إحدى سكان قطنا أكدت أن ابنتها بقيت ثلاثة أشهر مصابة بتسمم، حيث عانت من أعراض الإسهال والقيء والسعال الحاد، وأضافت: «أفراد الأسرة كلها عانت من نفس الأعراض لمدة أسبوعين، وهذا نتيجة تلوث المياه، فمعظم سكان قطنا عانوا من حالات التسمم هذه إلا الذين يشربون من مياه الصحة».
أما السيد «أبو شحادة» فقد قال: «المياه ملوثة بشكل كبير ففي الأمس أتت المياه ليست صالحة حتى للغسيل، كان لونها برتقالي محمر إلى درجة كبيرة كأنها مياه طينية، إلى درجة أنني أفرغت الخزان من المياه واشتريت مياه من الباعة المتجولين، لن أدع أولادي يستخدمون هذه المياه، يكفينا ما عانيناه سابقاً نتيجة تلوثها»
شهادة طبية
أكد أخصائي الداخلية وأمراض جهاز الهضم الدكتور «عمر» أنه استقبل الكثير من حالات التسمم الغامضة في المدينة، والتي تتجاوز أعراضها التسمم إلى السعال الديكي الحاد جداً، وأغلب الناس تعتقد بأن هذا التسمم هو نتيجة مياه الشرب، وأضاف: «أنا من سكان قطنا لذلك أعرف مدى تلوث المياه التي تضخ فهي لا تصلح حتى للغسيل، ففي معظم الأوقات تضخ المياه الملوثة بالطين والشوائب والباكتيريا المختلفة، فهي تؤدي إلى اتساخ الأشياء التي تغسل بها بدلا من تنظيفها، وهنا يجب الملاحظة أن المياه يجب أن تعقم في أسوأ الأحوال بمادة كلور الماء، فهذه المادة تعقم بنسبة جيدة ولكن حتى هذه المادة لا توضع في المياه في أغلب الأحيان، فهناك إهمال كبير في نسبة التعقيم لذلك أنصح سكان قطنا بعدم الشرب من هذه المياه والاستعاضة عنها بمياه الصحة حفاظاً على صحتهم».
استغلال حاجات الناس
أما السيدة «أمل» فأكدت على مشاكل التلوث السابقة وأضافت: «كل أربعة أيام تضخ المياه على قطنا، حيث تقسم المدينة إلى قسمين، نصف تضخ له في النهار والنصف الأخر في الليل، وهذا لا يكفي لأن معظم الناس يسكنون في بنايات مؤلفة من عدة طبقات، وكل وحدة سكنية في هذا البيت تريد تعبئة الماء في خزانها، ومعظم الخزانات على أسطح الأبنية، وهي بالتالي تحتاج إلى كهرباء لكي تستخدم مضخة المياه، والكهرباء تنقطع أربع ساعات وتأتي ساعتين، لذلك معظم الناس لا تصلهم، فيضطرون إلى شراء المياه من الصهاريج الجوالة، وهؤلاء أصبحوا يستغلون الموضوع، فأصبح سعر الألف ليتر 500 ليرة، وهذا لا يكفي لمدة يومين مع التقنين بالاستهلاك، لذللك نطالب المسؤولين بالنظر إلى الموضوع بجدية، وحل المشكلة بأسرع وقت».
أذن من طين وأخرى ..
أما الشكاوى التي قدمت فكثيرة جداً، لكن مع الفوضى وعدم الرقابة لم يهتم أحد، وهي مقسمة إلى قسمين، منها شكاوى موجهة إلى وزارة الصحة تتعلق بالتلوث ووجوب المراقبة، وأخرى موجهة إلى مديرية المياه والصرف الصحي في المدينة لزيادة ساعات ضخ المياه، لكن كما العادة «أذن من طين وأذن من عجين» فلم يكن هناك رد على الموضوع، وحتى الرد يكون غير مقنع بحجة شح المياه والأزمة...إلخ من الحجج الواهية».
لفهم أسباب هذه المشاكل، ذهبنا إلى مدير وحدة المياه في مدينة قطنا المهندس «ياسر داود»، لكنه رفض إعطاءنا أي معلومة بحجة الحصول على موافقات أمنية وصحفية مختلفة من أجل الإدلاء بأي معلومة للصحافة، فالسؤال هنا لماذا التهرب؟.
وفي النهاية لابد من التساؤل أين الرقابة وأين المسؤولون من حياة المواطنين؟، فهل صحة المواطن بسبب فوضى الأزمة يجب ان تبقى دون رعاية؟، هذه الأسئلة في برسم المسؤولين.